الأولى: أن كلامه (قدس سره) صريح في أنه قصد بذلك التأليف إزالة حيرة السائل.
ومن المعلوم: أنه لو لفق كتابه هذا مما ثبت وروده عن أصحاب العصمة (عليهم السلام) ومما لم يثبت لزاد السائل حيرة وإشكالا، فعلم أن أحاديث كتابه هذا كلها صحيحة، ونحن بعد ما فتشنا وتتبعنا الأحاديث الواردة في بيان أنهم (عليهم السلام) أمروا أصحابهم بتأليف ما يسمعونه منهم وينشرون في إخوانهم نسلا بعد نسل لتعمل بها الشيعة لا سيما في زمن الغيبة الكبرى، وكتاب العدة لرئيس الطائفة وكتاب الكشي وكتاب الفهرست وغيرها من الكتب، قطعنا بأن منشأ حكم المؤلف (قدس سره) بصحة جميع ما في كتبه أنه أخذه من الأصول التي صنفها أصحاب العصمة (عليهم السلام) بأمرهم ليكون مرجع الشيعة في عقائدهم وأعمالهم، ولئلا يحتاجون إلى العامة فيهما، لا سيما في زمان الهرج وهو زمان الغيبة الكبرى.
وأيضا من المعلوم: أنه لم يصرح في هذا الكتاب بضابطة يميز بها بين الصحيح وغير الصحيح، فلو لم يكن كلها صحيحا لما قال: " يكتفي به المسترشد " * وأيضا
____________________
* لاشك أن كتاب الكليني (رضي الله عنه) أخباره أغلبها معمول بها من الصحيح والموثق والحسن، ويكفي ذلك في وجود ما يعلم منه الحق والرشاد من جملتها، وقد نقلنا سابقا جملة من كلامه في أول الكافي ونبهنا على عدم دلالته على اعتقاد المصنف؛ على أنها لو كانت كلها صحيحة لكانت غير محتاجة عند الاختلاف إلى العرض على كتاب الله، وكان ينبغي عند ذكره هذا الحديث أن ينبه على عدم احتياج ما في كتابه إلى العرض، لأن ذلك إنما هو في الذي يشك في أ نه مروي عن الإمام (عليه السلام) وأما الذي هو مثبوت من الأصول الصحيحة عنهم لا يحتاج إلى ذلك.
والتنبيه على ذلك أضر وأعور (1) لأ نه هو الأمر الخفي لغير المعتاد بالأخبار لاحتمالها في نفسها الصدق والكذب، فعدم التنبيه مع الضرورة إليه تقتضي أنها ليست كذلك وأن وجه التمييز فيها محال على ما هو المعروف بين أرباب الحديث في صحة الطرق وعدمها المأخوذ علمه من كتب الرجال المدونة قبل زمن الكليني وبعده، ومع هذه الحالة لا حاجة إلى التنبيه. ولو كانت الأصول
والتنبيه على ذلك أضر وأعور (1) لأ نه هو الأمر الخفي لغير المعتاد بالأخبار لاحتمالها في نفسها الصدق والكذب، فعدم التنبيه مع الضرورة إليه تقتضي أنها ليست كذلك وأن وجه التمييز فيها محال على ما هو المعروف بين أرباب الحديث في صحة الطرق وعدمها المأخوذ علمه من كتب الرجال المدونة قبل زمن الكليني وبعده، ومع هذه الحالة لا حاجة إلى التنبيه. ولو كانت الأصول