- الوجه الثالث - إن خلاصة ما استدلت به الإمامية على وجوب عصمة الإمام (عليه السلام) وهو " أنه لولا ذلك لزم أمره تعالى عباده باتباع الخطأ وذلك قبيح عقلا " جارية في وجوب اتباع ظن المجتهد، فعلم أن ظنه ليس بواجب الاتباع، وإذا لم يكن واجبا لم يكن جائزا، إذ لا قائل بالفصل.
وبعبارة أخرى: إذ الجواز هنا يستلزم الوجوب بإجماعهم، بل في كتاب المحاسن رسالة منقولة عن الصادق (عليه السلام) فيها استدل الصادق (عليه السلام) بهذا الدليل على امتناع العمل بظن المجتهدين وبخبر الواحد الخالي عن القرائن المفيدة للقطع وأشباههما (3). وهذا نقض أورده الفخر الرازي على الإمامية (4). وجوابه: أن هذا النقض لا يرد على الأخباريين، لأ نهم لا يجوزون الاعتماد في أحكامه تعالى على الظن، ويرد على المتأخرين، وليس لهم بحمد الله عن ذلك مفر! *
____________________
* هذا المحذور الذي استدل به يتأتى في كل مخبر وراو، لاحتمال الخطاء الذي هو المحذور المفروض فيه، فلا يحصل الوثوق بخبره أو روايته إلا إذا كان معصوما، ولا يندفع عن الأخباريين ذلك إلا بثبوت عصمة المخبر، لأ نه لا يحصل العلم بخبره والقطع بدون ذلك، لجواز الخطاء والغفلة والنسيان من كل مخبر، فانسد باب العلم بالخبر بكل وجه. والقرائن لا تفيد في ذلك إلا أن كانت من قبيل المعجز حتى يعلم بها صدق المخبر وعدم احتمال المحذور، ولو اكتفينا بها مطلقا في دفعه لزم الاكتفاء بها في خبر الإمام ولا يحتاج إلى العصمة. والاتفاق من العقلاء واقع على أنه لا يشترط العصمة إلا في الذي يخبر عن الله تعالى بغير واسطة، وأما من