وبالجملة، لا يلزم من كفاية الضعيف في المقدمات القريبة كفايته في المقدمات البعيدة أيضا.
ثم قال أدام الله أيامه (١):
الثاني: أن آية التثبت أعني قوله تعالى: ﴿إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا﴾ (2) كما دلت على التعويل على رواية العدل الواحد دلت على التعويل على تزكيته أيضا، فيكتفى به في جميع المواد إلا فيما خرج بدليل خاص وهو غير حاصل هنا (3) [وما يتراءى من الشبه ضعيف لا يعول عليه] (4) انتهى كلامه.
وأنا أقول: إن شئت تحقيق المقام فاستمع لما نتلو عليك من الكلام بتوفيق الملك العلام ودلالة أهل الذكر (عليهم السلام):
فأقول أولا: أقصى ما يستفاد من هذه الآية الشريفة أن خبر الفاسق سبب لوجوب التوقف والتثبت إلى أن يتبين صدقه من كذبه، ولا دلالة فيها على انحصار سبب وجوب التوقف في فسق المخبر فربما يكون له أسباب أخر، كاحتمال فسقه أو سهوه أو ابتناء خبره على نوع خرص وتخمين، أو نقله بالمعنى مع احتمال عدم تفطنه بالمراد، أو كونه منسوخا أو مجملا، أو كونه خبرا عن واقعة لو وقعت لشاع خبرها أو كونه خبرا عن أمر مهتم به كأحكام الله تعالى.
وأقول ثانيا: لا يجوز لأحد استنباط الأحكام النظرية من الآيات المحتملة وجوها كثيرة إلا من خوطب بها، كما تواترت به الأخبار المتقدمة عن الأئمة الأطهار - صلوات الله عليهم - *.
____________________
* إن الآية خصت وجوب التثبت عند خبر الفاسق، فلا يثبت وجوب التثبت فيما سواه إلا