فائدة أقول: يتلخص من كلام أهل التحقيق من الأصوليين: أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى أقسام أربعة ضروريات الدين، وضروريات المذهب، ونظري نصب الله تعالى عليه دلالة قطعية، ونظري نصب الله تعالى عليه دلالة ظنية لا قطعية، وأن موضع الاجتهاد وكذلك موضع التقليد إنما هو القسم الرابع.
وتحقيق المقام: أن ضروري الدين - على ما سمعناه من محققي مشائخنا قدس الله سرهم - هو الذي علماء ملتنا وعلماء غير ملتنا يعرفون أنه مما جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله) كالصلاة والزكاة والصوم والحج. وعلى قياس ذلك ضروري المذهب هو الذي علماء مذهبنا وعلماء غير مذهبنا يعرفون أنه مما قال به صاحب مذهبنا كبطلان العول والتعصيب. وقد ظهر عليك وانكشف لديك مما ذكرناه معنى نظيريهما، وقد مر أن طائفة من الأصوليين يقولون: إن موضع الاجتهاد مسألة ليس لله فيها حكم، وطائفة يقولون ليس لله فيها دلالة أصلا على حكمه.
فائدة ضروريات الدين ليست ضرورية بالمعنى المصطلح عليه عند المنطقيين وذلك لوجهين:
أحدهما: أنهم حصروا الضروريات في الست وليس علمنا بوجوب الصلاة مثلا داخلا في الست.
وثانيهما: أن علمنا بها إنما يحصل بالنص، ومن هنا انكشف لديك أن ضروري الدين وضروري المذهب ونظيريهما من اصطلاحات الأصوليين.
وبالجملة، معنى ضروري الدين ما يكون دليله واضحا عند علماء الإسلام بحيث لا يصلح لاختلافهم فيه بعد تصوره. ومعنى ضروري المذهب ما يكون دليله واضحا عند علماء المذهب بحيث لا يصلح الاختلاف فيه.