إثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن إليه، فاحتاجوا إلى قانون يتميز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها والموثوق بها عما سواها، فقرروا لنا - شكر الله سعيهم - ذلك الاصطلاح الجديد وقربوا إلينا البعيد ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الحسن والصحة والتوثيق. وأول من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلي - قدس الله روحه -.
ثم إنهم - أعلى الله مقامهم - ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان، فيصفون مراسيل بعض المشاهير - كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى - بالصحة، لما شاع من أنهم لا يرسلون إلا عن عدل يثقون بصدقه، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنه فطحي أو ناووسي بالصحة، نظرا إلى اندراجهم في من أجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم. وعلى هذا جرى العلامة - قدس الله سره - في المختلف، حيث قال في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة: إن حديث عبد الله بن بكير صحيح، وفي الخلاصة حيث قال: إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن كان في طريقه أبان بن عثمان، مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما.
وقد جرى شيخنا الشهيد [الثاني] - طاب ثراه - على هذا المنوال أيضا كما وصف في بحث الردة من شرح الشرائع حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة (1) وأمثال ذلك في كلامهم كثير فلا تغفل (2) انتهى كلامه.
وأنا أقول: إن شئت تحقيق المقام فاستمع لما نتلو عليك من الكلام، وبالله التوفيق وبيده أزمة التحقيق.
فنقول أولا: إنما ينفع تقسيم (3) الخبر الواحد الخالي عن القرائن، وهذه