الثامنة: أنه وقعت مشاجرة عظيمة من غير فيصل بين المتأخرين من أصحابنا في تحقيق معنى الناصبي، فزعم بعضهم أن المراد به: من نصب العداوة لأهل البيت (عليهم السلام). وذهب بعضهم إلى أن المراد به من نصب العداوة لمذهب الإمامية (2). وفي الأحاديث تصريحات بالثاني. ومن قال بالأول كان قليل البضاعة في أحاديثنا الواردة في الأصولين.
ومن الأحاديث الصريحة فيما اخترناه ما نقله الشيخ الصدوق في كتاب العلل حيث قال: حدثنا محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت، لأ نك لا تجد رجلا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأ نكم من شيعتنا (3) *.
وما نقله محمد بن إدريس الحلي في آخر السرائر عن كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم مولانا أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) في جملة
____________________
* مقتضى هذا الحديث: أن المراد من النصب إظهار البغض والعداوة لمحبي أهل البيت ومواليهم وشيعتهم وأ نه ليس السبب لبغضهم وعداوتهم إلا ذلك، وهو يستلزم أن لا يكون الموجب له إلا بغض أهل البيت وكراهتهم، لأن من أحب إنسانا بالطبع أحب محبه، ومن أبغضه أبغض محبه، ولكن منعهم عن إظهار البغض بالصريح لأهل البيت خوف لوازمه الموجب للعقاب، فأبطنوه وأظهروا أثره في محبيهم وشيعتهم. وهذا المعنى كالصريح المفهوم من قوله (عليه السلام):
" لأ نك لا تجد أحدا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد " لأ نه يدل على أنه ليس لهم مانع من ذلك إلا الخوف، ولو لم يكن لأظهروه وأعلنوا به. فعلم أن أصل العداوة إنما هي لأهل البيت وأما لمحبيهم وشيعتهم فبالعارض، فيرجع الصواب إلى رجحان القول الأول وقلة البضاعة إلى نافيه.
" لأ نك لا تجد أحدا يقول: أنا أبغض محمدا وآل محمد " لأ نه يدل على أنه ليس لهم مانع من ذلك إلا الخوف، ولو لم يكن لأظهروه وأعلنوا به. فعلم أن أصل العداوة إنما هي لأهل البيت وأما لمحبيهم وشيعتهم فبالعارض، فيرجع الصواب إلى رجحان القول الأول وقلة البضاعة إلى نافيه.