أن يكون دالة على صوابهم فيما طريقه العلم، فإنهم قد اختلفوا في الجبر والتشبيه والتجسيم والصورة وغير ذلك، واختلفوا في أعيان الأئمة (عليهم السلام) ولم نرهم قطعوا الموالاة ولا أنكروا على من خالفهم، وذلك يبطل ما اعتمدتموه.
قيل: جميع ما عددتموه من الاختلاف الواقع بين الطائفة، فإن النكير واقع فيه من الطائفة والتفسيق حاصل فيه، وربما تجاوزوا ذلك أيضا إلى التكفير، وذلك أشهر من أن يخفى، حتى أن كثيرا منهم جعل ذلك طعنا على رواية من خالفه في المذاهب التي ذكرت في السؤال وصنفوا في ذلك الكتب، وصدر عن الأئمة (عليهم السلام) أيضا النكير عليهم نحو إنكارهم على من يقول بالتجسيم والتشبيه والصورة والغلو وغير ذلك.
وكذلك من خالف في أعيان الأئمة (عليهم السلام) لأ نهم جعلوا ما يختص الفطحية والواقفية والناووسية وغيرهم من الفرق المختلفة بروايته لا يقبلونه ولا يلتفتون إليه، فلو كان اختلافهم في العمل بأخبار الآحاد يجري مجرى اختلافهم في المذاهب التي أشرنا إليها لوجب أن يجروا فيها ذلك المجرى، ومن نظر في الكتب وسبر أحوال الطائفة وأقاويلها وجد الأمر بخلاف ذلك، وهذه أيضا طريقة معتمدة في هذا الباب.
ومما يدل أيضا على صحة ما ذهبنا إليه: أنا وجدنا الطائفة ميزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار فوثقت الثقات منهم وضعفت الضعفاء، وفرقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يعتمد على خبره، ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم، وقالوا: فلان متهم في حديثه وفلان كذاب وفلان مخلط وفلان مخالف في المذهب والاعتقاد وفلان واقفي وفلان فطحي، وغير ذلك من الطعون التي ذكروها وصنفوا في ذلك الكتب، واستثنوا الرجل من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم، حتى أن واحدا منهم إذا أنكر حديثا نظر في إسناده وضعفه براويه. هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه لا تنخرم. فلولا أن العمل بما يسلم من الطعن ويرويه من هو موثوق به جائزا لما كان بينه وبين غيره فرق، وكان يكون خبره مطرحا مثل خبر غيره، فلا يكون فائدة لشروعهم فيما شرعوا فيه من التضعيف والتوثيق وترجيح الأخبار بعضها على بعض، وفي ثبوت ذلك دليل على صحة ما اخترناه.