وفي باب الشرك: عن عميرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول: أمر الناس بمعرفتنا والرد إلينا والتسليم لنا، ثم قال: وإن صاموا وصلوا وشهدوا أن لا إله إلا الله وجعلوا في أنفسهم أن لا يردوا إلينا كانوا بذلك مشركين (٢).
أقول: قد تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام) بأن المشرك قسمان: مشرك في العبادة ومشرك في الطاعة (٣). ويمكن أن يكون المراد هنا الثاني.
وفي باب التفويض إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله): عن أبي إسحاق النحوي قال دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعته يقول: إن الله عز وجل أدب نبيه على محبته فقال:
﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ (٤) ثم فوض إليه فقال عز وجل: ﴿وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا﴾ (٥) وقال عز وجل: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ (6) ثم قال: وإن نبي الله فوض إلى علي والأئمة (7) فسلمتم أنتم وجحد الناس، فو الله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وأن تصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل، ما جعل الله لأحد خيرا في خلاف أمرنا (8).
وأقول: هنا فوائد:
الفائدة الأولى من المعلوم عند أولي الألباب: أن هذه الأحاديث ناطقة بجواز العمل بخبر الثقة في الرواية، ومن المعلوم: أن حكم باب الفتاوى أضيق من باب الشهادة في قضية جزئية، إذ على الأول تبنى جزئيات كثيرة إلى يوم القيامة بخلاف الثاني، ولأنه يجب في باب الفتاوى العلم والقطع بأحد الأمرين - كما حققناه سابقا - بخلاف القضايا الجزئية، ومن المعلوم:
أن في باب الشهادات لابد من العدلين، فعلم أن خبر الثقة في الرواية أقوى من شهادتهما *.
____________________
* إن الذي فهم من الأخبار التعويل على ثقات مخصوصين لا كل ثقة وإن كان فاسد