وإنما ذكرنا ذلك لتحقيق المقام الذي زلت فيه أقدام أقوام من فحول الأعلام لا لحاجتنا إليه (1) فإني قد قرأت أصول كتاب الكافي وكل تهذيب الحديث وغيرهما على أعلم المتأخرين بعلم الحديث والرجال وأورعهم وهو سيدنا الإمام العلامة والقدوة الهمام الفهامة قدوة المقدسين أعظم المحققين الميرزا محمد الإسترابادي وهو قد قرأ على شيخه وقرأ شيخه على شيخه متصلة إلى أصحاب العصمة (عليهم السلام) كما ذكره في آخر كتاب الرجال - نور الله مرقده - ولي طرق أخرى من مشايخ أخر - قدس الله سرهم - منهم السيد والسند والعلامة الأوحد صاحب كتاب المدارك (قدس سره).
وأما القاعدة الشريفة التي وضعوها (عليهم السلام) للخلاص عن الحيرة في باب الأحاديث المتعارضة فقد نطقت بها أحاديث بالغة حد التواتر المعنوي، مع صحة كثير منها في ظاهر الأمر وزعم المتأخرون أيضا، وصحة كلها عند التحقيق وعند قدمائنا ولا يمكنني استقصاؤها.
ولنذكر ما يحضرني الآن منها، فمن تلك الجملة ما في كتاب الاحتجاج للطبرسي - في مبحث احتجاج أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) - روى الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم (عليه السلام) فترد إليه (2).
وروى عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) قال، قلت: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه؟ قال: لا تعمل بواحد منهما حتى تأتي صاحبك فتسأله عنه. قال، قلت: لابد أن يعمل بأحدهما؟ قال: خذ بما فيه خلاف العامة (3).
وروى عن الحسن بن الجهم عن الرضا (عليه السلام) قال، قلت للرضا (عليه السلام): تجيئني الأحاديث عنكم مختلفة؟ قال: ما جاءك عنا فاعرضه على كتاب الله عز وجل وأحاديثنا، فإن كان ذلك يشبههما فهو منا وإن لم يكن يشبههما فليس منا. قلت:
يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلم نعلم أيهما الحق؟ قال: إذا لم