بزعم المتأخرين، بل بروايات الكذابين المشهورين مع تمكنه من أحاديث أخرى صحيحة مذكورة في كتابه، بل كثيرا ما يعمل بالأحاديث الضعيفة عندالمتأخرين ويترك ما يضادها من الأحاديث الصحيحة عندهم، فعلم من ذلك أن تلك الأحاديث مأخوذة من الأصول المجمع على صحتها، كما صرح به في كتاب العدة وكتاب الاستبصار والفهرست (1) وغيرها.
وثامنا: أنه ذكر الشهيد الثاني (رحمه الله) في شرح رسالته في فن دراية الحديث كان قد استقر أمر المتقدمين على أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف سموها " الأصول " وكان عليها اعتمادهم، ثم تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول، ولخصها جماعة في كتب خاصة تقريبا على المتناول، وأحسن ما جمع منها كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني، والتهذيب للشيخ أبي جعفر الطوسي، ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر، لأن الأول أجمع لفنون الأحاديث والثاني أجمع للأحاديث المختصة بالأحكام الشرعية. وأما الاستبصار: فإنه أخص من التهذيب غالبا فيمكن الغنى عنه به. وكتاب من لا يحضره الفقيه حسن أيضا، إلا أنه لا يخرج عن الكتابين غالبا (2) إنتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وذكر الفاضل المتبحر المعاصر بهاء الدين محمد العاملي في رسالته الموسومة بالوجيزة المصنفة في فن رواية الحديث: جميع أحاديثنا إلا ما ندر ينتهي إلى أئمتنا الاثني عشر - سلام الله عليهم - وهم ينتهون فيها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فإن علومهم مقتبسة من تلك المشكاة. وما تضمنه كتب الخاصة - رضوان الله عليهم - من الأحاديث المروية عنهم (عليهم السلام) تزيد على ما في الصحاح الستة للعامة بكثير، كما يظهر لمن تتبع أحاديث الفريقين، وقد روى راو واحد وهو أبان بن تغلب عن إمام واحد - أعني:
الإمام أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) - ثلاثين ألف حديث كما ذكره علماء الرجال وقد كان جمع قدماء محدثينا - رضي الله عنهم - ما وصل إليهم من أحاديث