بغير ذلك معروف، فكل ذلك لا يوجب ترك خبره.
وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا نظر في حال المرسل، فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك سوت (1) الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممن يوثق به، وبين ما سنده (2) غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم. وأما إذا لم يكن كذلك ويكون ممن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة فإنه يقدم خبر غيره عليه، وإذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به، فأما إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه. ودليلنا على ذلك الأدلة التي قدمناها على جواز العمل بأخبار الآحاد، فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل فبما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر وما أجاز أحدهما أجاز الآخر، فلا فرق بينهما على حال.
وإذا كان إحدى الروايتين أزيد من الرواية الأخرى كان العمل بالرواية الزائدة أولى، لأن تلك الزيادة في حكم خبر آخر ينضاف إلى المزيد عليه، فإذا كان مع احدى الروايتين عمل الطائفة بأجمعها فذلك خارج عن الترجيح بل هو دليل قاطع على صحته وابطال الآخر، فإن كان مع أحد الخبرين عمل أكثر الطائفة ينبغي أن يرجح على الخبر الآخر الذي عمل به قليل منهم.
وإذا كان خبر أحد المرسلين متناولا للحظر والآخر متناولا للإباحة فعلى مذهبنا الذي اخترناه في الوقف يقتضي التوقف فيهما، لأن الحكمين جميعا مستفادان شرعا وليس أحدهما بالعمل العمل أولى من الآخر. وإن قلنا: إنه إذا لم يكن هناك ما يترجح به أحدهما على الآخر كنا مخيرين كان ذلك أيضا جائزا كما قلناه في الخبرين المسندين سواء. وهذه جملة كافية في هذا الباب (3). انتهى كلام