انتهى ما أردنا نقله عن آخر السرائر لمحمد بن إدريس الحلي.
وأقول: من المعلوم أن فهرست الشيخ وفهرست النجاشي وفهرست محمد ابن شهرآشوب المازندراني المتأخر عنهما ونظائرها، وما ذكره الشيخ في آخر كتابي الأخبار عند ذكر أسانيده إلى الكتب والأصول التي أخذ الحديث منها وما ذكره في أوائل كتاب الاستبصار وما ذكره في كتاب العدة وما ذكره محمد بن علي بن بابويه في أوائل كتاب من لا يحضره الفقيه وما ذكره الإمام ثقة الإسلام في أوائل كتاب الكافي وما ذكره محمد ابن إدريس الحلي في آخر السرائر وما ذكرناه سابقا نقلا عن السيد المرتضى، صريحة في أن تلك الأصول والكتب المعتمدة كانت موجودة عندهم. ومن المعلوم: أن عاقلا صالحا متمكنا من أخذ الحديث من الأصول المعتمدة لا يعدل إلى غيرها. وأيضا من المعلوم: أنه لو نقل غيرها ينصب علامة تميزه عنها لأن قصدهم من تصانيفهم هداية الناس وإرشادهم. وفي خلط الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة مع غيرها من غير نصب علامة مميزة بينهما تخريب للدين، فلا يليق بمقام الهداية والإرشاد.
ثم أقول: قد صرح المحقق الحلي فيما نقلناه بأن كتابي فضل بن شاذان ويونس ابن عبد الرحمن كانا مشتملين على أحاديث أصحابنا وكانا موجودين عنده مع غيرهما من الأصول المعتمدة وهو أخذ الحديث منهما ومن غيرهما (1) فما ظن المتأخرين بمثل الإمام ثقة الإسلام ومثل ابن بابويه ومثل رئيس الطائفة؟ ووقع التصريح في مواضع من كتاب الكشي بأن كل واحد من كتابي فضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن كان جامعا لأصول أصحابنا (2).
وسيجئ زيادة بيان لهذا المقام في الفصل التاسع إن شاء الله تعالى، وإذا ترقيت في هذه المباحث إلى هذه الدرجة من الإيضاح حق لك أن تقول: أطف المصباح قد طلع الصباح؟
وبالجملة، أول من قسم أحاديث أصول أصحابنا - التي كانت مرجعهم في عقائدهم وأعمالهم في زمن الأئمة (عليهم السلام) وكانوا مجمعين على صحة نقلها كلها