الخبر متروك الظاهر فيكون معناه إن صح: أن من حمل القرآن على رأيه ولم يعمل بشواهد ألفاظه فأصاب الحق فقد أخطأ الدليل، وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " إن القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن الوجوه " وروي عن عبد الله بن عباس أ نه قسم وجوه التفسير على أربعة أقسام: تفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعرفه العرب بكلامها وتفسير تعرفه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله عز وجل. فأما الذي لا يعذر أحد بجهالته فهو ما يلزم الكافة من الشرائع التي في القرآن وجمل دلائل التوحيد، وأما الذي تعرفه العرب بلسانها فهو حقائق اللغة وموضوع كلامهم، وأما الذي يعلمه العلماء فهو تأويل المتشابه وفروع الأحكام، وأما الذي لا يعلمه إلا الله فهو ما يجري مجرى الغيوب وقيام الساعة (1) انتهى كلام العلامة أبي علي الطبرسي (قدس سره).
وأقول: أول كلامه (قدس سره) صريح في أنه لا يجوز تعيين مراد الله من العمومات ومن غيرها مما يقبل أن يصرف عن ظاهره وتعيين ناسخه من منسوخه إلا بدلالة أهل الذكر (عليهم السلام). فعلم أن قوله: " والقول في ذلك... الخ " داخل في حيز " قالوا... " وأيضا لو لم يكن داخلا فيه يلزم التهافت بين أول كلامه وبين قوله: " إن صح " وكيف يظن بالعلامة الطبرسي مثل هذا الأمر الشنيع؟!
وأيضا قد علمت سابقا أن هذا المعنى مما تواترت به الأخبار عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) وأيضا يفهم من كتاب الاحتجاج للطبرسي (قدس سره) أن طريقته كانت طريقة قدمائنا، ولذلك فهو (قدس سره) في تفاسيره لم يعين مراد الله تعالى قط في موضع لم يكن فيه أثر عنهم (عليهم السلام) بل رواه عن رجل من مفسري العامة.
السؤال التاسع عشر أن يقال: المتأخرون القائلون بجواز التمسك في أحكام الله تعالى النظرية بغير خطاب صحيح صريح قد تحيروا في كثير من المسائل التي تعم بها البلوى، كصلاة الجمعة في زمن الغيبة الكبرى، وكوجوب غسل الجنابة لنفسه أو لغيره، وكبعض