الحديث وكثرتها، وهذا يقتضي وجوب رجوع المتحير الواجب عليه الاحتياط إلى من هو أعلم منه، لأن هذا نوع من الاحتياط الواجب بقدر الإمكان. ومع العجز عن ذلك أو الغفلة عنه فهو موكول إلى طريقة تخطر بباله دفعا للحرج البين الواضح.
وأما ظن ضرر الصوم بالمريض فقد يكون من الظنون الوجدانية المختصة بصاحب المرض، وقد يكون من الظنون المشتركة بين أهل الحيرة، ففي الصورة الأولى موكول إلى نفسه، وقع التصريح به في الأحاديث (١) معللا بقوله تعالى: ﴿بل الإنسان على نفسه بصيرة﴾ (2).
وأما طريق حفظ أنواع الودائع فيختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة وبحسب تجاريب الناس، فيجب الرجوع فيه إلى ظن أهل الخبرة كما في خرص الأثمار، ومع الغفلة عن ذلك أو العجز عنه فهو موكول إلى ما يخطر بباله، ولا حاجة في جميع تلك الصور إلى قطع ويقين، لما مر من الفرق بين باب أحكام الله وبين باب غير أحكام الله تعالى.
وهنا دقيقة أخرى، وهي: أنه كثيرا ما تجامع براءة الذمة من الإثم اشتغال الذمة بقيمة الشيء أو بالدية. ولتكن هذه الفوائد على ذكر منك تنتفع بها في مواضع لا تعد ولا تحصى إن شاء الله تعالى.
السؤال السادس عشر كيف عملكم فيمن شك بين حرمة عبادة ووجوبها عليه، كمرأة حاضت عند الميقات وشكت بين وجوب الإحرام عليها وبين حرمته ولم تجد عالما بحكم الله تعالى تسأله، وكمرأة اشتبه عليها وعلى أهل الخبرة من النساء أن دمها دم الحيض أو العذرة أو القرحة فشكت في حرمة الصلاة وفي وجوبها، وكفاقد الطهورين يشك بين وجوب الصلاة حينئذ وبين حرمتها ولم يجد عالما بحكم الله ليسأله؟