إليه جمع من العامة (1) والخاصة (2).
ولك أن تقول: الفرض الأول والصورة الثالثة (3) مندرجان تحت قوله (عليه السلام): " ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم " وقوله (عليه السلام): " رفع القلم عن تسعة أشياء... " من جملتها " ما لا يعلمون " فنحن معذورون ما دمنا متفحصين وخرج عن تحتهما كل فعل وجودي لم نقطع بجوازه بالحديث المشتمل على حصر الأمور في ثلاثة وبنظائره. ومن هنا ظهر عليك وانكشف لديك الفرق بين احتمال وجوب فعل وجودي وبين احتمال حرمته، بأنه لا يجب الاحتياط في المسألة الأولى ويجب الاحتياط في المسألة الثانية.
ومن جملة الغرائب التي وقعت من جمع من متأخري الخاصة موافقا للعامة!
أ نهم إذا رأوا خطابا يحتمل وجوب فعل واستحبابه كالأحاديث الواردة في غسل الجمعة يفتون بأن المظنون أنه مندوب في حكم الله ويتمسكون في ذلك بالبراءة الأصلية، وكذلك إذا رأوا خطابا يحتمل الحرمة والكراهة يفتون بأن المظنون أنه مكروه في حكم الله تعالى للبراءة الأصلية وعدم ظهور مخرج عنها، وهم في غفلة عن دقيقة هي: أنا علمنا ورود حكم من الله تعالى في هذه الواقعة ولم نعلمه بعينه هل هو وجوب أو ندب أو حرمة أو كراهة، ومن المعلوم: أن أحكامه تعالى تابعة للحكم والمصالح المظنونة له تعالى ولم يمكن (4) أن يقال: مقتضى المصلحة موافقة البراءة الأصلية.
وبالجملة، التمسك بالبراءة الأصلية [إنما يتجه عند من لم يقل بالواجبات الذاتية ومحرماتها، ثم على هذا المذهب] (5) إنما يتجه قبل إكمال الدين أو بعده مع تجويز خلو بعض الوقائع عن حكم وارد من الله تعالى.
نعم، يمكن أن يقال بناء على ما نقله في كتاب العدة رئيس الطائفة عن سيدنا الأجل المرتضى - رضي الله عنهما - من أنه ذهب إلى أن في زمن الفترة الأشياء على الإباحة، بمعنى أنه لم يتعلق بأهل زمن الفترة شيء من التكاليف المخفية عنهم