وروى محمد بن يعقوب الكليني ورئيس الطائفة (قدس سرهما) بسندهما عن ضمرة بن أبي ضمرة، عن أبيه، عن جده قال قال أمير المؤمنين (عليه السلام): أحكام المسلمين على ثلاثة:
شهادة عادلة، أو يمين قاطعة، أو سنة ماضية من أئمة الهدى (١).
أقول: معنى هذا الحديث: أن اختلاف المتخاصمين عند القاضي إما ناش من الجهل بحكم الله، أو ناش من ذكر أحدهما قضية شخصية وإنكار الآخر إياها، فعلى الأول جواب القاضي أن يأتي بحديث عن أئمة الهدى، وعلى الثاني جوابه طلب الشاهد من المدعي أو طلب اليمين من المنكر.
وفي كتاب الشيخ العالم الورع الصدوق أبي عمرو محمد بن عبد العزيز الكشي (رحمه الله) محمد بن مسعود قال حدثني جعفر بن أحمد بن أيوب، قال: حدثني العمركي، قال:
حدثني أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن وزياد، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بيننا وبينه، فقال لي: هذه الكتب كلها في الطلاق (٢) قال، قلت: نحن نجمع هذا كله في حرف، قال: ما هو؟
قال، قلت: قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة﴾ (3) فقال لي: وأنت لا تعلم شيئا إلا برواية؟ قلت: أجل، قال لي: ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدى تسعمائة وتسعة وتسعين درهما ثم أحدث - يعني الزنا - فكيف نحده؟ فقلت: عندي بعينها حديث حدثني محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام): أن عليا كان يضرب بالسوط وبثلثه وبنصفه وببعضه وبقدر أدائه.
فقال لي: مالي لا أسألك عن مسألة لا يكون فيها شيء، فما تقول في جمل أخرج من البحر؟ فقلت: إن شاء [فليكن جملا وإن شاء] (4) فليكن بقرة إن كانت عليه فلوس أكلناه، وإلا فلا (5).
واعلم أن انحصار طريق العلم بنظريات الدين في الرواية عنهم (عليهم السلام) وعدم جواز التمسك في العقائد التي يجوز الخطأ فيها عادة بالمقدمات العقلية وفي الأعمال