كتاب العدة: وأما الظن فعندنا وإن لم يكن أصلا في الشريعة تستند الأحكام إليه، فإنه تقف أحكام كثيرة عليه، نحو تنفيذ الحكم عند الشاهدين ونحو جهات القبلة وما يجري مجراه (١). وقال في موضع آخر من كتاب العدة: وأما القياس والاجتهاد فعندنا أ نهما ليسا بدليلين، بل محظور استعمالهما، ونحن نبين ذلك فيما بعد (٢) انتهى كلامه (رحمه الله).
وأنا أقول: في بعض ما نقلنا عن رئيس الطائفة بحث، والحق عندي ما نقله صاحب المعالم عن علم الهدى (رضي الله عنه) حيث قال: وجوب الحكم على القاضي بعد شهادة العدلين ليس من حيث انها توجب حصول الظن، بل من حيث إن الشارع قال جعله سببا لوجوب الحكم على القاضي، كما جعل دخول الوقت سببا لوجوب الصلاة (٣).
وإنما قلت: الحق فيه ما أفاده علم الهدى، لا ما ذكره رئيس الطائفة (رحمه الله) لأن كثيرا ما لا يحصل الظن بشهادتهما لمعارضة قرينة حالية، مع وجوب الحكم على القاضي حينئذ، ومن المعلوم عند أولي الألباب: أن متعلق هذا الظن ليس من أحكامه تعالى كما أفاده رئيس الطائفة.
- الوجه الثاني - قوله تعالى: ﴿ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق﴾ (٤) مع قوله عز وجل: ﴿إن الظن لا يغني من الحق شيئا﴾ (٥) وقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (٦) وقوله تعالى: ﴿إن هم إلا يظنون﴾ (٧) و ﴿إن هم إلا يخرصون﴾ (٨) وقوله تعالى: ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ (9) وغيرها من الآيات الشريفة. وتخصيص تلك الآيات بأصول الدين - كما وقع من الأصوليين بناء على أن الضرورة ألجأت إلى التمسك في الفروع بالظن إما مطلقا [بعد النبي (صلى الله عليه وآله) ولمن بعد عنه في زمانه] (10) كما هو زعم العامة، أو في زمن الغيبة الكبرى كما هو