ويتجه بعضه، لأ نه ليس عندهم حديث يكون وروده من باب التقية.
ويتجه بعضه لزعمهم أنه لم يبق شيء مما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) مخزونا عند أحد، لأ نه (صلى الله عليه وآله) أظهر عند أصحابه كل ما جاء به وتوفرت الدواعي على أخذه ونشره ولم تقع بعده (صلى الله عليه وآله) فتنة انتهت إلى إخفاء بعض ما جاء به (صلى الله عليه وآله) وزعمهم أن الله تعالى ناط الأحكام الشرعية بدلائل وربطها بأمارات ومخائل تخطر ببال أصحاب الملكة المخصوصة المعتبرة عندهم، وأ نه أوجب عليهم الاستنباطات الظنية والعمل بها وعلى غيرهم اتباع ظنونهم.
ودليلهم على ذلك كله ادعاؤهم إجماع الصحابة على ذلك وادعاؤهم أن مثل ذلك الإجماع لا يقع إلا بسبب ظهور نص قطعي عندهم وإن لم ينقل عنهم. وذكروا أن ظاهر كتاب الله في مواضع حرمة العمل بالظن المتعلق بأحكامه تعالى لكن لأجل هذا الإجماع القطعي تركنا تلك الظواهر وأولناها.
ثم جماعة من متأخري أصحابنا غفلوا عما ذكرناه من ابتناء تلك القواعد على تلك الأمور فدونوا أصولا على منوال أصولهم إلا في مواضع يسيرة اطلعوا على أنها مخالفة لما تواتر عن العترة الطاهرة (عليهم السلام) *.
____________________
* لما كان زمن الأئمة (عليهم السلام) مستمرا فيه ظهورهم وإمكان استعلام الأحكام منهم لم يحتج أصحابنا في ذلك الوقت إلى بعض ما اعتبره العامة من الاستنباط وغيره، وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) لم يتجدد تكليف شرعي يختص بعلمه بعض دون بعض، وإنما خفي بعض أحكام التكليف عن العامة لأ نهم لم يرجعوا في استعلامه إلى من أمروا بالرجوع إليهم من أهل بيته بل تعمدوا خلافهم، وبعد عدم التمكن من الرجوع إليهم (عليهم السلام) صار حالنا وحالهم واحدا في الأحكام التي لم يوجد فيها نص ظاهر، فاحتجنا كما احتاجوا إلى تدوين أصول وقواعد يستنبط منهما الأحكام الشرعية.
والفارق بيننا وبين العامة أنا نرجع في الدليل والاستنباط إلى الأصول والقواعد المأثورة
والفارق بيننا وبين العامة أنا نرجع في الدليل والاستنباط إلى الأصول والقواعد المأثورة