ألقاك ولا يمكن القدوم ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني، قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي؟ فإنه قد سمع من أبي وكان عنده وجيها (1).
وقال الصادق (عليه السلام): بشر المخبتين بالجنة: بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء لانقطعت آثار النبوة واندرست (2).
وقال الصادق (عليه السلام) لشعيب العقرقوفي، حيث قال له (عليه السلام): ربما احتجنا أن نسأل الشيء فممن نسأل؟ قال: عليك بالأسدي، يعني: أبا بصير (3).
وأقول: الأحاديث الناطقة بأمرهم (عليهم السلام) بالرجوع في الفتوى والقضاء إلى رواة أحاديثهم وأحكامهم متواترة معنى، وتلك الأحاديث صريحة في وجوب اتباع الرواة فيما يروونه عنهم (عليهم السلام) من الأحكام النظرية، وليست فيها دلالة أصلا على جواز اتباع ظنونهم الحاصلة من ظواهر كتاب الله أو أصل أو استصحاب أو غيرها، ولا دلالة فيها على اشتراط أن يكون الرواة المتبعون أصحاب الملكة المعتبرة في المجتهدين.
ومن المعلوم: أن المقام مقام البيان والتفصيل، فيعلم بقرينة المقام علما عاديا قطعيا بأن تلك الظنون وكذلك تلك الملكة غير معتبرين عندهم (عليهم السلام).
ومن جملة غفلات المتأخرين من أصحابنا - كالعلامة الحلي، والمحقق الحلي في أصوله لا في معتبره، وكالشهيد الأول والثاني والفاضل الشيخ علي - قدس الله أرواحهم - أنهم زعموا أن المراد من تلك الأحاديث المجتهدون (4).
وإنما قلنا: إنه من جملة غفلاتهم، لأ نا نعلم علما قطعيا عاديا أنهم لو لم يذهلوا عما استفدنا من كلامهم (عليهم السلام) ومن كلام قدمائنا:
من أنه لابد في باب القضاء والفتوى من أحد القطعين.
ومن أنه كما لا يجوز التقصير في تبليغ الأحكام لا ينبغي في الحكمة الإلهية