وإن شئت تحقيق كلامه (قدس سره) ليندفع عنه جميع اعتراضات المتأخرين وليوافق ما ذكره في كتاب العدة ويوافق ما فهمه المحقق الحلي وصاحب كتابي المعالم والمنتقى من كلامه (قدس سره) فاستمع لما نتلوا عليك من الكلام، وبالله التوفيق وبيده أزمة التحقيق.
فأقول: ملخص كلامه: أن الأخبار المسطورة في كتبنا التي انعقد إجماع قدماء الطائفة المحقة على ورودها عن المعصومين (عليهم السلام) وكانت مرجعا لهم فيما يحتاجون إليه من عقائدهم وأعمالهم - كل ذلك بأمر بعض الأئمة وبتقرير بعض آخر منهم صلوات الله عليهم على ذلك - تنحصر في أقسام ثلاثة:
القسم الأول: أن تكون صحة مضمونه متواترة، فلذلك لا يجوز فيه التناقض.
والثاني: أن توجد قرينة دالة على صحة مضمونه، ومن القرائن: أن يكون مضمونه مطابقا للدليل العقلي القطعي، كالخبر الدال على أن التكليف لا يتعلق بغافل عنه ما دام غافلا (1) والخبر الدال على أن الفعل الواجب الذي حجب الله العلم بوجوبه عن العباد موضوع عنهم ما داموا كذلك (2) لا للدليل العقلي الظني كالاستصحاب وكجعل عدم ظهور المدرك على حكم شرعي مدركا على عدم ورود ذلك الحكم في الواقع. ومن القرائن: أن يكون مضمونه مطابقا لما هو من ضروريات الدين من ظواهر القرآن. وعليه فقس الباقي، والقسمان يوجبان العلم والقطع بما هو حكم الله في الواقع.
والقسم الثالث: ما لا يكون هذا ولا ذاك، ويجوز العمل به على شروط راجعة إلى شيء واحد وهو أن لا يوجد معارض أقوى منه. ووجه جواز العمل بهذا القسم أ نه لا يخلو من أمرين: لأ نه إما من الباب الذي عليه الإجماع في النقل بمعنى أن قدماءنا لم ينقلوا إلا إياه أو ما يوافقه، أو من الباب الذي وقع الإجماع على صحته، ومعنى الصحة هاهنا ثبوت وروده عن المعصوم مع عدم ظهور مانع عن العمل به، وهذا التفسير لكلام رئيس الطائفة موافق لما ذكره في كتاب العدة (3) ولما ذكره المحقق الحلي (4) وصاحب المعالم في تحقيق كلامه (5).