الفصل الثاني عشر في ذكر طرف من أغلاط الفلاسفة وحكماء الإسلام في علومهم والسبب فيه ما حققناه سابقا: من أنه لا يعصم عن الخطأ في مادة المواد في العلوم التي مبادئها بعيدة عن الإحساس إلا أصحاب العصمة (عليهم السلام) ومن أن القواعد المنطقية غير نافعة في هذا الباب، وإنما نفعها في صورة الأفكار كإيجاب الصغرى وكلية الكبرى.
فمن تلك الجملة:
أن جمعا كثيرا من فحول الحكماء الأعلام ذهبوا إلى أنه لابد من تخلل السكون بين كل حركتين مختلفتين، واستدلوا على مذاهبهم بأن آن وصول المتحرك إلى منتهى الحركة الأولى مغاير لأن مفارقته ذلك المنتهى، ومن المعلوم: أن بين كل آنين زمانا، وإلا لزم الجزء الذي لا يتجزأ، ففي الزمان المتخلل بين الآنين يلزم أن يكون المتحرك ساكنا.
واستدلالهم شبهة.
وجوابه:
أن الوصول آني، لأ نه يحصل بانقطاع الحركة الأولى وانقطاع الحركة آني. وأما المفارقة فهي زمانية، لأ نها إنما تحصل بالحركة والحركة زمانية.
ثم من المعلوم: أنه يلزم هؤلاء الفحول الذين صرفوا أعمارهم في الفكر والنظر أن يكون نتيجة أفكارهم شيئا تضحك منه الثكلى! وهي أنه يلزمهم أن تسكن الحبة الصاعدة الجبل النازل بعد آن وصولها إليه في الجو، فإياك أيها الأخ اللبيب والحكيم