الفائدة الخامسة إن هذه الرواية الشريفة مشهورة بين متأخري أصحابنا بمقبولة عمر بن حنظلة بناء على أن علماء الرجال لم يوثقوه. لكن الشهيد الثاني (رحمه الله) وثقه في شرح رسالته في فن دراية الحديث (1). واعترض عليه ولده الشيخ حسن - قدس سرهما - في كتاب المنتقى، حيث قال: من عجيب ما اتفق لوالدي (قدس سره) أنه قال في شرح بداية الدراية: إن عمر بن حنظلة لم ينص الأصحاب عليه بتعديل ولا جرح، ولكنه حقق توثيقه من محل آخر فوجدت بخطه (رحمه الله) في بعض مفردات فوائده ما صورته: عمر ابن حنظلة غير مذكور بجرح ولا تعديل، ولكن الأقوى عندي أنه ثقة، لقول الصادق (عليه السلام) في حديث الوقت: إذا لا يكذب علينا (2) والحال أن الحديث الذي أشار إليه ضعيف الطريق فتعلقه به في هذا الحكم مع ما علم من انفراده به غريب! ولولا الوقوف على الكلام الأخير لم يختلج في الخاطر أن الاعتماد في ذلك على هذه الحجة (3) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.
وأنا أقول: لنا مندوحة عن التمسك بما تمسك به العلامة ومن وافقه في إثبات صحة بعض الأحاديث من كون راويه إماميا عدلا ضابطا، وذلك لتصريح ابن بابويه في أول كتاب من لا يحضره الفقيه بأن كل ما فيه صحيح حجة بينه وبين الله تعالى، يعني أنه قاطع بوروده عن أصحاب العصمة - صلوات الله عليهم - بتواتر أو بقرينة إجماع أو بغيرهما ولو كان وروده في الواقع من باب التقية والشفقة على الرعية.
وصرح الإمام ثقة الإسلام في أول الكافي بقريب من ذلك.
وهذه الرواية الشريفة (4) مذكورة فيهما (5) وعمل بها رئيس الطائفة - قدس الله سره - مع تصريحه في مواضع من كتاب العدة في الأصول بأن كل حديث عمل به في كتاب من كتبه أخذه من الأصول المجمع على صحة نقلها (6). وإنا قطعنا قطعا عاديا بأن أمثال هذه الدعاوى لم تصدر عن أمثال هؤلاء الأجلاء إلا في الأمور