الفوائد المدنية والشواهد المكية - محمد أمين الإسترآبادي ، السيد نور الدين العاملي - الصفحة ٤٠٩
ويفهم من كلامهم (عليهم السلام): أن تأليف معان مخصوصة بعضها مع بعض لأجل إيقاعها هو إرادة العبد، وتأليف معان أخر مخصوصة لأجل الانقياد بها هو الاعتراف القلبي، ومن ثم وقع التصريح في كلامهم (عليهم السلام) في مواضع كثيرة بأن فعل العبد ثلاثة:
تفكر القلب، والنطق باللسان، وعمل الجوارح (١) وحقيقة تفكر النفس تحريك بعض القوى الداركة ليترتب عليه حضور معان مخصوصة وحصول تأليف مخصوص بينهما، كما أن حقيقة الإحساس تحريك بعضها ليترتب عليه الحضور والإحساس] (٢).
وذكر ابن حجر المكي في شرح القصيدة الهمزية عند قول ناظمها:
لم تزل في ضمائر الكون مختار * لك الأمهات والآباء لك أن تأخذ من كلام الناظم الذي علمت من الأحاديث مصرحة به لفظا في أكثره ومعنى في كله: أن آباء النبي (صلى الله عليه وآله) غير الأنبياء وأمهاته إلى آدم وحواء ليس فيهم كافر، لأن الكافر لا يقال في حقه: إنه مختار ولا كريم ولا طاهر، بل نجس كما في آية ﴿إنما المشركون نجس﴾ (٣) وقد صرحت الأحاديث السابقة بأنهم يختارون وأن الآباء كرام والأمهات طاهرات. وأيضا فهم إلى إسماعيل (عليه السلام) كانوا من أهل الفترة، وهم في حكم المسلمين بنص الآية الآتية، وكذا من بين كل رسولين. وأيضا قال الله تعالى: ﴿وتقلبك في الساجدين﴾ (4) على أحد التفاسير فيه: أن المراد تنقل نوره من ساجد إلى ساجد (5) وحينئذ فهو صريح في أن أبوي النبي (صلى الله عليه وآله) آمنة وعبد الله
____________________
الكاملة. وما يدل على أنه ليس للعبد فيها استطاعة وإنما هي تطول بأن المراد بالتطول الإقدار ونصب الأدلة والتوفيق بالقرب إلى تحصيلها وأنه لولا الإعداد والتطول على العبد يتيسر أسباب تحصيلها لم يمكن حصولها من نفس وسعه وقدرته، وأما بعد حصول اللطف من الله سبحانه بالإعداد لذلك يحصل المطلوب بأدنى التفات ونظر. وسيأتي في آخر مكاتبة عبد الرحمن القصير ما يشير إلى أن المعرفة بالاختيار والكسب.

(١) لم نعثر بهذا اللفظ، راجع الكافي ٢: ٢٧، الخصال ١: ١٧٩، باب الثلاثة ح ٢٤٠.
(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في خ.
(٣) التوبة: ٢٨.
(٤) الشعراء: ٢١٩.
(5) التفسير الكبير للرازي: ذيل الآية المباركة، والتبيان للطوسي: ذيل الآية.
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»
الفهرست