كحواشي السيد الشريف على الشرح العضدي للمختصر الحاجبي - أن اليقين له موجب مخصوص لا يحصل إلا به كالاحساس وغيره. ومن المعلوم: أن القضية الكاذبة ليس لها موجب يوجب الجزم بها كما في اليقين. وأما الأمارات المؤدية إلى حصول الظن بالقضايا الكاذبة فهي كثيرة مشاهدة.
واعلم أنه قد تواترت الأخبار عنهم (عليهم السلام) بأن الشيطان قد يلهم بعض القلوب الأكاذيب، فإن له تسلطا على بعض الناس مثل تسلط شياطين الإنس على بعضهم.
ومن المعلوم: أن مقتضى الروايات المتقدمة أنه لا يوجب جزما وإنما اقتضى ما يحصل به الظن.
ومن تلك الجملة (1):
أن الشيخ الفاضل المتبحر المعاصر بهاء الدين محمد العاملي ذكر في كتاب مشرق الشمسين ذهب أكثر علمائنا - قدس الله أرواحهم - إلى أن العدل الواحد الإمامي كاف في تزكية الراوي، وأ نه لا يحتاج فيها إلى عدلين كما يحتاج في الشهادة. وذهب القليل منهم إلى خلافه، فاشترطوا في التزكية شهادة عدلين.
واستدل على ما ذهب إليه الأكثر بوجهين:
الأول: ما ذكره العلامة - طاب ثراه - في كتبه الأصولية، وحاصله: أن الرواية تثبت بخبر الواحد وشرطها تزكية الراوي وشرط الشيء لا يزيد على أصله، وبعبارة أخرى: اشتراط العدالة في مزكي الراوي فرع اشتراطها في الراوي، إذ لو لم يشترط فيه لم يشترط في تزكيه فكيف يحتاج في الفرع بأزيد مما يحتاج في الأصل؟
فإن قلت: مرجع هذا الاستدلال إلى القياس فلا ينهض علينا حجة. قلت: هو القياس بطريق الأولوية وهو معتبر عندنا.
فإن قلت للخصم أن يقول: كيف يلزمني ما ذكرتم من زيادة الفرع على الأصل والحال أني أشترط في الرواية ما لا يشترطونه من شهادة عدلين بعدالة راويها ولا أكتفي بشهادة العدل الواحد. قلت: عدم قبوله تزكية عدل واحد زكاه عدلان