وجوابه:
ما تقدم من وجوب التوقف ومن أن مصداقه هنا ترك الفعل الوجودي لعدم القطع بجوازه. وقد مر أن تقريره (عليه السلام) المرأة التي تركت الإحرام عند الميقات لحيضها وجهلها بحكم الله فيها (1) مؤيد لما ذكرناه من أن مصداق التوقف هنا ترك الفعل الوجودي. وأيضا قد تواتر عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام): إياك أن تفتي الناس برأيك وتدين الله بما لا تعلم " (2) والمتردد بين حرمة عبادة ووجوبها غير عالم بها، فليس له أن يدين الله بها. ولو كان الاستصحاب الذي اعتبرته الشافعية وجمع من متأخري الخاصة صحيحا جاريا في أحكام الله تعالى، لما نطقت الأحاديث بخلافه في هذه المواضع. فعلم أن معنى قولهم (عليهم السلام): " لا تنقض يقينا بشك أبدا وإنما تنقضه بيقين آخر " كما مر وينادي عليه موضع ورود ذلك الحديث وأشباهه أن الذي جعله الشارع ناقضا لشيء إنما جعل اليقين ناقضا، لا الظن به ولا الشك فيه.
السؤال السابع عشر ما قولكم في حيوان خرج من البحر لم نعلم حكم الله فيه؟
وجوابه:
التوقف ومصداق الاجتناب عن أكله وترك الإفتاء بحله وبحرمته، وترك الإنكار على من أكله إذا احتمل علمه بحليته.
لا يقال: قولهم (عليهم السلام): " ما حجب الله علمه عن العباد موضوع عنهم " جار هنا.
لأ نا نقول: من المعلوم أن المراد به أن ما حجب الله العلم بوجوبه عن العباد وجوبه موضوع عنهم، وقد مر تحقيقه. وكذلك ما حجب الله العلم بحرمته حرمته موضوعة عنهم، وما حجب الله العلم بوجوب التوقف فيه التوقف فيه موضوع عنهم، وهاهنا وجوب التوقف معلوم بالروايات، وقد مر تحقيقه (3).