الفصل الثالث في إثبات تعذر المجتهد المطلق أقول: بعد ما أحطت خبرا بالآيات والروايات المتقدمة لم يبق مجال للمجتهد المطلق، ونزيدك بيانا.
فنقول: في كثير من المواقع لا يجري (1) التمسك بالبراءة الأصلية ولا بالاستصحاب، ولا تفي بها عمومات الكتاب ولا عمومات السنة، ولا إجماع هناك. ومن أمثلة ذلك:
دية عين الدابة، كما مر من أن بعد العلم باشتغال الذمة والحيرة في القدر المبرء للذمة لا تجري البراءة الأصلية وغيرها.
فإن قلت: كيف يزعم عاقل عدم تحقق المجتهد المطلق مع كون الكتب الفقهية للخاصة والعامة مشحونة بقول الفقهاء: " فيه تردد " وما أشبهه من العبارات؟
قلت: زعمهم ذلك مبني على مقدمات تقدمت، وهي: أن الله تعالى نصب دلالات ظنية على المسائل الاجتهادية لا القطعية، وأ نه ليس شيء من الدلالات المنصوبة من قبله تعالى مخفيا عند أحد بحيث يتعذر تحصيلها بالتتبع، وأن سبب تردد الفقيه في بعض المسائل تعارض الدلالات المنصوبة من قبله تعالى في نظره، وأن حكم الله في حقه وحق مقلديه ما دام كذلك التخيير (2). والعجب كل العجب من