ورواية محمد بن عيسى عن الرجل أنه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على شاة؟ قال: إن عرفها ذبحها وأحرقها، وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح فتحرق، وقد نجت سائرها (2).
وصحيحة زرارة قال والله ما رأيت مثل أبي جعفر (عليه السلام) قط، قال: سألته قلت:
أصلحك الله! ما يؤكل من الطير؟ قال: كل ما دف ولا تأكل ما صف. قال، قلت:
فالبيض في الآجام؟ فقال: ما استوى طرفاه فلا تأكل وما اختلف طرفاه فكل. قلت:
فطير الماء؟ قال: ما كانت له قانصة فكل وما لم تكن له قانصة فلا تأكل (3).
ورواية عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أكون في الآجام فيختلف علي الطير فما آكل منه؟ قال: كل ما دف ولا تأكل ما صف. قلت: إني أؤتى به مذبوحا؟ قال: كل ما كانت له قانصة (4).
واعلم أن الأحاديث التي نقلناها في هذا الموضع كلها متواترة المعنى.
ثم أقول: اعلم أنه وقعت من جمع من المتأخرين من أصحابنا لقلة حذقهم في الأحاديث أغلاط في هذه المباحث:
من جملتها: أن الفاضل المدقق الشيخ علي (رحمه الله) أفتى في بعض كتبه بأن ظن غلبة النوم على الحاستين كاف في نقض الوضوء (5) وقد علمت تواتر الأخبار بخلاف ما أفتى به.
ومن جملتها: أن كثيرا منهم زعموا أن قولهم (عليهم السلام): " لا تنقض يقينا بشك أبدا وإنما تنقض بيقين آخر " جار في نفس أحكامه تعالى، وقد فهمناك أنه مخصوص بأفعال الإنسان وأحواله وأشباههما من الوقائع المخصوصة *.
____________________
* إن اعتراف المصنف بالفضل والتدقيق للشيخ علي كيف يجامع قلة الحذق؟ والحال أن