ثم قال أدام الله أيامه:
قد اشتهر أنه إذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح. وهذا كلام مجمل غير محمول على إطلاقه كما قد يظن، بل لهم فيه تفصيل مشهور وهو أن التعارض بينهما على نوعين:
الأول: ما يمكن الجمع فيه بين كلامي المعدل والجارح كقول المفيد (رحمه الله) في محمد بن سنان: إنه ثقة، وقول الشيخ - طاب ثراه -: إنه ضعيف، فالجرح مقدم، لجواز اطلاعه على ما لم يطلع عليه المفيد.
الثاني: ما لا يمكن الجمع بينهما كقول الجارح إنه: " قتل فلانا في أول الشهر " وقول المعدل: " إني رأيته في آخره حيا " وقد وقع مثله في كتب الجرح والتعديل كثيرا، كقول ابن الغضائري في داود الرقي: إنه كان فاسد المذهب لا يلتفت إليه، وقول غيره: إنه كان ثقة، قال فيه الصادق (عليه السلام): " أنزلوه مني منزلة المقداد من رسول الله (صلى الله عليه وآله) " (1) فهاهنا لا يصح إطلاق القول بتقديم الجرح على التعديل، بل يجب الترجيح بكثرة العدد وشدة الورع والضبط وزيادة التفتيش عن أحوال الرواة، إلى غير ذلك من المرجحات. هذا ما ذكره علماء الأصول منا ومن المخالفين.
____________________
لأن أبان بن عثمان قال الكشي: " اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه " (2) وهو صريح بتوثيقه، فقول ابن فضال لا التفات إليه، لكونه فاسد المذهب محققا. والمصنف لم يفهم وضع المسألة حتى حكم بأولوية ضعفه وجعله من جملة تحقيقاته، وقد صدق في ذلك، لأن كل تحقيقاته أوهام من هذا القبيل.