وأقول: قد علمت أن الإجازة قسمان، فاعلم أن أحد قسميها لا مدخل له في العمل أصلا، بل تنحصر فائدته في مجرد التبرك ونحوه.
فائدة ذكر الشيخ العالم المتبحر المعاصر بهاء الدين محمد العاملي في أوائل كتاب مشرق الشمسين: استقر اصطلاح المتأخرين من علمائنا - رضي الله عنهم - على تنويع الحديث المعتبر ولو في الجملة إلى الأنواع الثلاثة المشهورة، أعني " الصحيح " و " الحسن " و " الموثق " بأنه إن كان جميع سلسلة سنده إماميين ممدوحين بالتوثيق فصحيح، أو إماميين ممدوحين بدونه كلا أو بعضا مع توثيق الباقي فحسن، أو كانوا كلا أو بعضا غير إماميين مع توثيق الكل فموثق. وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا - قدس الله أرواحهم - كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم، بل كان المتعارف بينهم إطلاق " الصحيح " على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه أو اقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه، وذلك بأمور:
منها: وجوده في كثير من الأصول الأربعمائة التي نقلوها عن مشائخهم بطرقهم المتصلة بأصحاب العصمة - سلام الله عليهم - وكانت متداولة لديهم في تلك الأعصار مشتهرة بينهم اشتهار الشمس رابعة النهار.
ومنها: تكرره في أصل أو أصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة.
ومنها: وجوده في أصل معروف الانتساب إلى أحد الجماعة الذين أجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار، أو على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبد الرحمن وأحمد بن محمد بن أبي نصر، أو على العمل بروايتهم كعمار الساباطي ونظرائه ممن عدهم شيخ الطائفة في كتاب العدة، كما نقله عنه المحقق في بحث التراوح من المعتبر.
ومنها: اندراجه في أحد الكتب التي عرضت على أحد الأئمة - عليهم الصلاة