شاكلهم، فإذا علمنا أن هؤلاء الذين أشرنا إليهم - وإن كانوا مخطئين في الاعتقاد من القول بالوقف وغير ذلك - كانوا ثقات في النقل فما يكون طريقه هؤلاء جاز العمل به.
والجواب الثاني: أن جميع ما يرويه هؤلاء إذا اختصوا بروايته لا يعمل به، وإنما يعمل به إذا انضاف إلى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة والاعتقاد الصحيح فحينئذ يجوز العمل به، فأما إذا تفرد فلا يجوز ذلك فيه على حال، وعلى هذا سقط الاعتراض.
فأما ما رواه الغلاة ومن هو مطعون عليه في روايته ومتهم في وضع الأحاديث، فلا يجوز العمل بروايته إذا انفرد، فإذا انضاف إلى روايته رواية بعض الثقات جاز ذلك ويكون ذلك لأجل رواية الثقة دون روايته.
وأما المجبرة والمشبهة، فأول ما في ذلك أنا لا نعلم أنهم مجبرة ولا مشبهة، وأكثر ما معنا أنهم كانوا يروون ما يتضمن الجبر والتشبيه، وليس روايتهم لها على أ نهم كانوا معتقدين لصحتها، بل بينا الوجه في روايتهم لها و (1) أنه غير الاعتقاد لمتضمنها. ولو كانوا معتقدين للجبر والتشبيه كان الكلام على ما يروونه كالكلام على ما ترويه الفرق المتقدم ذكرها، وقد بينا ما عندنا في ذلك. وهذه جملة كافية في إبطال هذا السؤال.
فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون الذين أشرتم إليهم لم يعملوا بهذه الأخبار بمجردها؟ بل إنما عملوا بها لقرائن اقترنت بها دلتهم على صحتها لأجلها عملوا، ولو تجردت لما عملوا بها، وإذا جاز ذلك لم يمكن الاعتماد على عملهم بها.
قيل له: القرائن التي تقترن بالخبر وتدل على صحته أشياء كثيرة مخصوصة نذكرها فيما بعد من الكتاب والسنة والإجماع والتواتر، ونحن نعلم أنه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك، لأ نها أكثر من أن تحصى موجودة في كتبهم وتصانيفهم وفتاويهم، لأ نه ليس في جميعها يمكن الاستدلال بالقرآن، لعدم ذكر ذلك في صريحه وفحواه ودليله ومعناه، ولا في السنة المتواترة