ومنها: وجوده في أحد كتابي الشيخ وفي الكافي وفي من لا يحضره الفقيه، لاجتماع شهاداتهم على صحة أحاديث كتبهم أو على أنها مأخوذة من تلك الأصول المجمع على صحتها.
ومنها: أن يكون راويه أحدا من الجماعة التي اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم.
ومنها: أن يكون راويه من الجماعة التي ورد في شأنهم من بعض الأئمة (عليهم السلام) أ نهم ثقات مأمونون، أو خذوا عنهم معالم دينكم، أو هؤلاء أمناء الله في أرضه، ونحو ذلك.
فائدة فإن قلت: بهذه القرائن اندفع احتمال الافتراء وبقي احتمال السهو في خصوصيات بعض الألفاظ.
قلت: هذا الاحتمال يندفع تارة بتعاضد الأخبار بعضها ببعض، وتارة بملاحظة تطابق الجواب والسؤال، وتارة بتناسب أجزاء الحديث وتناسقها.
فإن قلت: بقي احتمال آخر لم يندفع، وهو احتمال إرادة خلاف الظاهر.
قلت: من المعلوم أن الحكيم في مقام البيان والتفهيم لا يتكلم بكلام يريد به خلاف ظاهره من غير وجود قرينة صارفة بينة، لا سيما من اجتمعت فيه نهاية الحكمة مع العصمة. ولا يجري ذلك في أكثر كلام الله ولا في أكثر كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة إلينا، لقولهم (عليهم السلام): " إنما يعرف القرآن من خوطب به " (1) وقولهم (عليهم السلام): " كلام
____________________
بذلك، لأ نه يكفي فيها حفظ الحديث عن التفرق والضياع كما صار لكثير منه، ولا يخل ذلك بالهداية بعد أن كان للناس طريق إلى معرفة الصحيح من غيره.