موسى أخذ برأس أخيه، فقال له هارون ما قال، فقال موسى للسامري: ما خطبك قال (قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) فعمد موسى إلى العجل، فوضع موسى عليه المبارد فبرده بها وهو على شط نهر فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد ذلك العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا لموسى:
ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضا، فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه ولا يبالي بمن قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا، فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم، فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي.
والحكايات لهذه القصة كثيرة جدا. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (بملكنا) قال: بأمرنا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة (بملكنا) قال: بطاقتنا. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى مثله.
وأخرج أيضا عن الحسن قال: بسلطاننا. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (هذا إلهكم وإله موسى فنسى) قال: فنسي موسى أن يذكر لكم أن هذا إلهه.
سورة طه الآية (92 - 101) جملة (قال يا هارون) مستأنفة جواب سؤال مقدر، والمعنى: أن موسى لما وصل إليهم أخذ بشعور رأس أخيه هارون وبلحيته وقال (ما منعك) من اتباعي واللحوق بي عند أن وقعوا في هذه الضلالة ودخلوا في الفتنة، وقيل معنى (ما منعك أن لا تتبعني) ما منعك من اتباعي في الإنكار عليهم، وقيل معناه: هلا قاتلتهم إذ قد علمت أنى لو كنت بينهم لقاتلتهم، وقيل معناه: هلا فارقتهم، ولا في " أن لا تتبعني " زائدة، وهو في محل نصب على أنه مفعول ثان لمنع: أي أي شئ منعك حين رؤيتك لضلالهم من اتباعي، والاستفهام في (أفعصيت أمري) للإنكار والتوبيخ، والفاء للعطف على مقدر كنظائره، والمعنى: كيف خالفت أمري لك بالقيام لله ومنابذة من خالف دينه وأقمت بين هؤلاء الذين اتخذوا العجل إلها، وقيل المراد بقوله أمري هو قوله الذي حكى الله عنه - وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين - فلما أقام معهم ولم يبالغ في الإنكار