وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (فاسلك فيها) يقول: اجعل معك في السفينة (من كل زوجين اثنين). وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (وقل رب أنزلني منزلا مباركا) قال لنوح حين أنزل من السفينة. وأخرج هؤلاء عن قتادة في الآية قال: يعلمكم سبحانه كيف تقولون إذا ركبتم، وكيف تقولون إذا نزلتم. أما عند الركوب " فسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين. وإنا إلى ربنا لمنقلبون - و - بسم الله مجراها ومرساها إن ربى لغفور رحيم " وعند النزول (رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين). وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله (قرنا) قال: أمة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (هيهات هيهات) قال: بعيد بعيد. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (فجعلناهم غثاء) قال: جعلوا كالشئ الميت البالي من الشجر.
سورة المؤمنون الآية (42 - 56).
قوله (ثم أنشأنا من بعدهم) أي من بعد إهلاكهم (قرونا آخرين) قيل هم قوم صالح ولوط وشعيب كما وردت قصتهم على هذا الترتيب في الأعراف وهود، وقيل هم بنو إسرائيل. والقرون الأمم، ولعل وجه الجمع هنا للقرون والإفراد فيما سبق قريبا أنه أراد هاهنا أمما متعددة وهناك أمة واحدة. ثم بين سبحانه كمال علمه وقدرته في شأن عباده فقال (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) أي ما تتقدم كل طائفة مجتمعة في قرن آجالها المكتوبة لها في الهلاك ولا تتأخر عنها، وقيل ذلك قوله تعالى " فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " ثم بين سبحانه أن رسله كانوا بعد هذه القرون متواترين، وأن شأن أممهم كان واحدا في التكذيب لهم فقال (ثم أرسلنا رسلنا تترا) والجملة معطوفة على الجملة التي قبلها بمعنى أن إرسال كل رسول متأخر عن إنشاء القرن الذي أرسل إليه، لا على معنى أن إرسال الرسل جميعا متأخر عن إنشاء تلك القرون جميعا، ومعنى " تترا " تتواتر واحدا بعد