الله عليه وآله وسلم بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا المشركين، فقال المشركون بعضهم لبعض: قاتلوا أصحاب محمد فإنهم يحرمون القتال في الشهر الحرام، وإن أصحاب محمد ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم فإنهم لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادأهم، وإن المشركين بدءوا فقاتلوهم، فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم. وهو مرسل. وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله (ومن عاقب) الآية قال: تعاون المشركون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه فأخرجوه، فوعده الله أن ينصره، وهو في القصاص أيضا. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد (وأن ما تدعون من دونه هو الباطل) قال: الشيطان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله (إن الإنسان لكفور) قال: يعد. المصيبات وينسى النعم.
سورة الحج الآية (67 - 72).
عاد سبحانه إلى بيان أمر التكاليف مع الزجر لمعاصري رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أهل الأديان عن منازعته فقال (لكل أمة جعلنا منسكا) أي لكل قرن القرون الماضية وضعنا شريعة خاصة، بحيث لا تتخطى أمة منهم شريعتها المعينة لها إلى شريعة أخرى، وجملة (هم ناسكوه) صفة لمنسكا، والضمير لكل أمة:
أي تلك الأمة هي العاملة به لا غيرها، فكانت التوراة منسك الأمة التي كانت من مبعث موسى إلى مبعث عيسى، والإنجيل منسك الأمة التي من مبعث عيسى إلى مبعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والقرآن منسك المسلمين، والمنسك مصدر لا اسم مكان كما يدل عليه هم ناسكوه، ولم يقل ناسكون فيه. وقيل المنسك موضع أداء الطاعة، وقيل هو الذبائح، ولا وجه للتخصيص، ولا اعتبار بخصوص السبب، والفاء في قوله (فلا ينازعنك في الأمر) لترتيب النهي على ما قبله، والضمير راجع إلى الأمم الباقية آثارهم: أي قد عينا لكل أمة شريعة، ومن جملة الأمم هذه الأمة المحمدية، وذلك موجب لعدم منازعة من بقي منهم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومستلزم لطاعتهم إياه في أمر الدين، والنهي إما على حقيقته، أو كناية عن نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن الالتفات إلى نزاعهم له. قال الزجاج: إنه نهي له صلى الله عليه وآله وسلم عن منازعتهم: أي لا تنازعهم أنت كما تقول لا يخاصمك فلان: أي لا تخاصمه، وكما تقول لا يضاربنك فلان: أي لا تضاربه، وذلك أن المفاعلة تقتضي العكس ضمنا، ولا يجوز لا يضربنك فلان وأنت تريد لا تضربه. وحكى عن الزجاج أنه قال في معنى الآية: فلا ينازعنك: أي فلا يجادلنك. قال: ودل على هذا (وإن جادلوك) وقرأ أبو مجلز " فلا ينزعنك في الأمر " أي