ابن علي بن الحسين وأبوه علي ويحيى بن يعمر " خفت " بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء وفاعله (الموالي) أي قلوا وعجزوا عن القيام بأمر الدين بعدي، أو انقطعوا بالموت، مأخوذا من خفت القوم إذا ارتحلوا، وهذه قراءة شاذة بعيدة عن الصواب. وقرأ الباقون " خفت " بكسر الخاء وسكون الفاء على أن فاعله ضمير يعود إلى زكرياء، ومفعوله الموالي، ومن ورائي متعلق بمحذوف لا بخفت، وتقديره: خفت فعل الموالي من بعدي. قرأ الجمهور " ورائي " بالهمز والمد وسكون الياء، وقرأ ابن كثير بالهمز والمد وفتح الياء. وروى عنه أنه قرأ بالقصر مفتوح الياء، مثل عصاي، والموالي هنا هم الأقارب الذين يرثون وسائر العصبات من بني العم ونحوهم، والعرب تسمى هؤلاء موالي، قال الشاعر مهلا بنى عمنا مهلا موالينا * لا تنشروا سعيد بيننا ما كان مدفونا قيل الموالي الناصرون له. واختلفوا في وجه المخافة من زكرياء لمواليه من بعده، فقيل خاف أن يرثوا ماله، وأراد أن يرثه ولده، فطلب من الله سبحانه أن يرزقه ولدا وقال آخرون: إنهم كانوا مهملين لأمر الدين، فخاف أن يضيع الدين بموته، فطلب وليا يقوم به بعد موته. وهذا القول أرجح من الأول لأن الأنبياء لا يورثون وهم أجل من أن يعتنوا بأمور الدنيا، فليس المراد هنا وراثة المال، بل المراد وراثة العلم والنبوة والقيام بأمر الدين وقد ثبت عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " (وكانت امرأتي عاقرا) العاقر: هي التي لا تلد لكبر سنها، والتي لا تلد أيضا لغير كبر وهى المرادة هنا، ويقال للرجل الذي لا يلد عاقرا أيضا، ومنه قول عامر بن الطفيل: * لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا * قال ابن جرير:
وكان اسم امرأته أشاع بنت فاقود بن ميل، وهى أخت حنة، وحنة هي أم مريم. وقال القتيبي: هي أشاع بنت عمران، فعلى القول يكون يحيى بن زكرياء ابن خالة أم عيسى، وعلى القول الثاني يكونان ابني خالة كما ورد في الحديث الصحيح (فهب لي من لدنك وليا) أي أعطني من فضلك وليا، ولم يصرح بطلب الولد لما علم من نفسه بأنه قد صار هو وامرأته في حالة لا يجوز فيها حدوث الولد بينهما وحصوله منهما. وقد قيل إنه كان ابن بضع وتسعين سنة، وقيل بل أراد بالولي الذي طلبه هو الولد، ولا مانع من سؤال من كان مثله لما هو خارق للعادة، فإن الله سبحانه قد يكرم رسله بما يكون كذلك، فيكون من جملة المعجزات الدالة على صدقهم (يرثني ويرث من آل يعقوب) قرأ أهل الحرمين والحسن وعاصم وحمزة وابن محيصن واليزيدي ويحيى بن المبارك بالرفع في الفعلين جميعا على أنهما صفتان للولي وليسا بجواب للدعاء، وقرأ يحيى بن يعمر وأبو عمرو ويحيى ابن وثاب والأعمش والكسائي بالجزم فيهما على أنهما جواب للدعاء. ورجح القراءة الأولى أبو عبيد وقال: هي أصوب في المعنى، لأنه طلب وليا هذه صفته فقال: هب لي الذي يكون وارثي. ورجح ذلك النحاس وقال: لأن جواب الأمر عند النحويين فيه معنى الشرط والمجازاة، تقول أطع الله يدخلك الجنة: أي إن تطعه يدخلك الجنة، وكيف يخبر الله سبحانه بهذا، أعني كونه أن يهب له وليا يرثه، وهو أعلم بذلك، والوراثة هنا هي وراثة العلم والنبوة على ما هو الراجح كما سلف. وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن يعقوب المذكور هنا هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. وزعم بعض المفسرين أنه يعقوب بن ما ثان أخو عمران بن ما ثان، وبه قال الكلبي ومقاتل، وآل يعقوب هم خاصته الذين يؤول أمرهم إليه للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين، وقد كان فيهم أنبياء وملوك، وقرئ