اشرب يا إبراهيم وادع لولدك فيها بالبركة، فخرج إبراهيم وجبرائيل عليه السلام جميعا " من البئر، فقال أفض عليك يا إبراهيم، وطف حول البيت فهذه سقيا سقى الله عز وجل ولد إسماعيل فسار إبراهيم وشيعه إسماعيل حتى خرج من الحرم فذهب إبراهيم ورجع إسماعيل إلى الحرم ".
أقول: قد تقدم في صدر الكتاب في المقدمة الأولى في الفصل الأول صحيح معاوية ابن عمار المنقول من العلل، وفيه أن زمزم نبعت لما فحص الصبي برجله، وظاهره أنه في أول نزول إسماعيل مع أمه، وهذا الخبر قد اشتمل على حفر إبراهيم زمزم، ويمكن الجمع بأن ما دل عليه ذلك الخبر صحيح، إلا أنه ربما قل الماء بعد ذلك فإن هذا الخبر إنما اشتمل على شكاية إسماعيل لأبيه قلة الماء لا عدمه بالكلية، وظاهر الخبرين مضى مدة بين أول ظهورها وحفر إبراهيم (عليه السلام) لها فإن ظاهر الخبر الأول أنه حال طفولية إسماعيل، وهذا الخبر بعد تزويجه، فيمكن حصول القلة في الماء حتى احتج إلى حفر والله العالم.
وعن محمد بن مسلم (1) في الصحيح " قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) أين أراد إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح ابنه فقال: على الجمرة الوسطى، وسألته عن كبش إبراهيم (عليه السلام) ما كان لونه وأين نزل، فقال: أملح وكان أقرن، ونزل من السماء على الجبل من مسجد منى، وكان يمشي في سواد ويأكل في سواد، وينظر ويبعر ويبول في سواد ".
وروى في الفقيه مرسلا (2) " قال: سئل الصادق (عليه السلام) أين أراد إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح ابنه، فقال: على الجمرة الوسطى " ولما أراد إبراهيم (عليه السلام) أن يذبح ابنه (صلى الله عليهما) قلب جبرائيل (عليه السلام) المدية واجتر الكبش من قبل ثبير، واجتر الغلام من تحته، ووضع الكبش مكان الغلام، ونودي من ميسرة مسجد الخيف (3) " أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك