ويل لهؤلاء الذين يتمون الصلاة بعرفات أما يخافون الله، فقيل له: فهو سفر فقال: وأي سفر أشد منه أقول: وهذه الروايات مع صحة أسانيدها واضحة الدلالة، صريحة المقالة في ايجاب التقصير على من قصد أربعة فراسخ، رجع ليومه أو لغده، ما لم يقطع سفره بأحد القواطع المعلومة، وفيها رد ظاهر للقول المشهور من التقييد بالرجوع ليومه، ورد للقول بالتخيير بين القصر والاتمام بقصد الأربعة كما ذهب إليه في المدارك، وما ارتكبه فيها من التأويل ضعيف لا يعول، وسخيف لا يلتفت إليه، كما تقدم تحقيق القول في المسألة في كتاب الصلاة الفصل السابع: روى في الكافي عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: إن آدم (عليه السلام) لما هبط في الأرض هبط على الصفا، ولذلك سمي الصفا، لأن المصطفى هبط عليه، فقطع للجبل اسم من اسم آدم لقول الله عز وجل (2) " إن الله اصطفى آدم ونوحا " وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ".
وأهبطت حواء على المروة، وإنما سميت المروة لأن المرأة هبطت عليها فقطعت للجبل اسم من اسم المرأة، وهما جبلان عن يمين الكعبة، وشمالها، فقال آدم حين فرق بينه وبين حواء ما فرق بيني وبين زوجتي إلا وقد حرمت علي، فاعتزلها وكان يأتيها بالنهار فيتحدث إليها، فإذا كان الليل خشي أن تغلبه نفسه عليها رجع فبات على الصفا، ولذلك سمى النساء لأنه لم يكن لآدم أنس غيره فمكث آدم بذلك ما شاء الله أن يمكث، لا يكلمه الله ولا يرسل إليه رسولا والرب سبحانه يباهي بصبره الملائكة، فلما بلغ الوقت الذي يريد الله عز وجل أن يتوب على آدم فيه أرسل إليه جبرائيل (عليه السلام) فقال: السلام عليك يا آدم الصابر لبليته التائب عن خطيئته، إن الله عز وجل بعثني إليك لأعلمك مناسك التي يريد