وأما ما ذكروه في تعليل الوجوب - من أن الواجب على ذي الشعر إزالته وإمرار الموسى على رأسه، فلا يسقط الأخير بفوات الأول - فدليل شعري لا يصلح لابتناء الأحكام الشرعية عليه، وما ذكروه من حديث " إذا أمرتكم " إلى آخره فلم نقف عليه في أصولنا.
بل الحق في الاستدلال على ذلك إنما هو بظاهر الأخبار المذكورة، على أن وجوب الامرار غير مسلم في حد ذاته، وإنما وجوبه من حيث توقف الحلق عليه، فالواجب منه ما تحقق في ضمن الحلق لا مطلقا.
وأما القول بالتفصيل فلم نقف له على دليل. وما ادعاه شيخنا المتقدم من ورود خبر بذلك حتى أنه بسبب ذلك مال إلى هذا القول فلم نقف عليه، وبذلك اعترف سبطه في المدارك، فقال: " إنا لم نقف عليها في شئ من الأصول، ولا نقله غيره، وظاهر الأخبار المذكورة أيضا الاكتفاء بذلك عن التقصير، إذ لو كان واجبا " مع الامرار لذكر فيها، لأن المقام مقام بيان للحكم المذكور، وليس فليس ".
وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا المتقدم من قوله: " والأقوى وجوب التقصير، لأنه واجب اختياري " إلى آخره، فإنهم إن وقفوا على العمل بهذه الأخبار فظاهرها كما ترى إنما هو ما قلناه، وحينئذ فهذا الكلام في مقابلتها إنما هو من قبيل الاجتهاد في مقابلة النصوص، وأن أطرحوها وأعرضوا عنها توجه ما ذكروه بناء على قواعدهم في البناء على التعليلات العقلية، وإلا وجب التوقف كما هو المعمول عندنا، لعدم النص في المسألة ولكن لما كانت النصوص موجودة وظاهرها ما عرفت من غير معارض في البين فالواجب الوقوف على العمل بظاهرها.