وأما الواجب المطلق - كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر غير المعين وما شابه ذلك - فعلى ضربين:.
(أحدهما) أن يسوقه ينوي به الواجب من غير أن يعينه بالقول، فهذا لا يزول ملكه إلا بذبح ودفعه إلى أهله. وله التصرف فيه بما شاء من أنواع التصرف كالبيع والهبة والأكل وغير ذلك، لأنه لم يتعلق حق الغير به، فإن عطب تلف من ماله، وإن عاب لم يجزه ذبحه، وعليه الهدي الذي كان واجبا عليه، لأن وجوبه تعلق بالذمة، فلا تبرأ منه إلا بايصاله إلى مستحقه، وجرى ذلك مجرى من عليه دين لآخر فحمله إليه فتلف قبل وصوله إليه.
(الثاني) أن يعين الواجب فيه، فيقول: هذا الواجب علي، فيتعين الواجب فيه من غير أن تبرأ الذمة منه لأنه لو أوجب هديا ولا هدي عليه لتعين، فكذا إذا كان واجبا فعينه، ويكون مضمونا عليه، فإن عطب أو سرق أو ضل لم يجزه، عاد الوجوب إلى ذمته، كما لو كان عليه دين فاشترى صاحبه منه متاعا به فتلف المتاع قبل القبض، فإن الدين يعود إلى الذمة ولأن التعيين ليس سببا في إبراء ذمته، وإنما تعلق الوجوب بحمل آخر، فصار كالدين إذا رهن عليه رهنا "، فإن الحق يتعلق بالذمة والرهن، فمتى تلف الرهن استوفي من المدين، فإذا ثبت أنه يتعين فإنه يزول ملكه عنه وينقطع تصرفه فيه، وعليه أن يسوقه إلى المنحر، فإن وصل نحره وأجزأ وإلا سقط التعين ووجب عليه اخراج الذي في ذمته على ما قلناه، وهذا كله لا نعلم فيه خلافا ".
انتهى كلامه، علت في الخلد أقدامه، ورفع فيه مقامه.
وقال الشيخ في المبسوط: " الهدي على ثلاثة أضرب: تطوع، ونذر