كان على تلك الهيئة، كما يعطيه ظاهر كلامه من الرد على القول المشهور في حمل لفظ (في) الواقع في روايات هذا الباب على ضرب الحساب، وأن المتبادر من الروايات اعتبار اجتماع أجزاء الماء، وكون عمقه قدرا يعتد به. وفيه تضييق زائد بل لا يكاد يتفق كر على هذه الهيئة، وإما أن يعتبر الضرب فيه وتحصيل قدر المساحة. وطريق معرفة ذلك كما هو مذكور في علم المساحة أن يضرب نصف القطر المعبر عنه في الحديث بالسعة وهو واحد ونصف في نصف المحيط الذي هو تسعة تقريبا، لما ثبت هناك أن القطر ثلث المحيط تقريبا، فيكون نصف المحيط على هذا أربعة ونصفا، وعند ضرب واحد ونصف في أربعة ونصف يحصل منه ستة وثلاثة أرباع، وإذا ضربنا هذا في العمق الذي هو أربعة يكون الحاصل سبعة وعشرين شبرا، فيكون موافقا لمذهب القميين. وفيه أنه وإن حصل به انطباق صحيحتي إسماعيل بن جابر (1) كل منهما على الأخرى، إلا أنه مع مخالفته لما نقلناه من ظاهر كلامه، بعيد غاية البعد، وإن قصر تقدير الكر، على شكل الأسطوانة المستديرة التي لا يعلم تقديرها حقيقة بل تقريبا، ومع ذلك فمعرفتها بالتقريب المذكور يتوقف على المهارة في فن علم المساحة والحذاقة في فن علم الهندسة التي تتعذر على أكثر الناس غير معهود وقوع مثله عن أهل العصمة (صلوات الله عليهم) بل ربما يقال غير جائز الوقوع، فيتعين حينئذ حمل الرواية على ما ذكره شيخنا البهائي من الستة والثلاثين شبرا. وقال المحدث الأمين في تعليقاته على شرح المدارك: " قد اعتبرنا الكر وزنا ومساحة في المدينة المنورة فوجدنا رواية ألف ومائتا رطل (2) مع الحمل على العراقي قريبة غاية القرب من هذه الصحيحة (3) " انتهى. والظاهر أن اعتباره بناء على ما ذكره مما يرجع إلى سبعة وعشرين شبرا.
(٢٧٦)