من الروايات فأفتوا بمؤدى اجتهادهم ونتيجة أنظارهم ومحصل استنباطهم، وافق الشهرة القائمة والاجماع بقسميه أو خالف، ثم ضم إلى كل رأي أدلته وأضاف إلى كل قول مستنده وما يؤيده ويدعمه، ثم حاول نقاشها بما يمكن أن يورد عليها من نقود ومؤاخذات، فإن تم عنده دليل ورأي الشبهة مزيفة ردها وأبطلها، وأحكم الدليل وأثبته واختار ما أدى إليه اجتهاده، كأنه يلمسك الحقائق بيده أو ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق، وبذلك أعجب من تأخر عنه من جهابذة الفقه وصيارفة الفن ومهرته ما وجدوه في طيه من علم غزير، وفضل كثار، وفقاهة ودراية، وتضلع في فنون الحديث، وتبحر في الفقه، وتتبع في الآراء واطلاع على الفتاوى، وحيطة بالأدلة واستقصاء فيها، وخبرة بمعاقد الاجماع وموارد الشهرة، ومقدرة على البحث وقوة في البرهنة، وتثبت في الحكم، وتعمق في التفكير، ونضج في الرأي، وما هنا لك من دقة وتثبت وتحقيق، فإن قال فقول فصل، وإن احتج فبرهنة صادقة، وإن صدع فبالحق الصراح، وإن جنح فإلى الحقيقة الراهنة، فهو حين يفيض الحجج فكالسيل المنحدر، من شاهق، وإذا حل مشكلة فكأن الاشكال لم يطرقها، وإذا دحض شبهة فهي كالريشة في مهب الريح، كل ذلك ببيان سهل وكلام منسجم، وقول جزل معتضد بالمنطق، فأصبح وطلبة الفقيه، وغاية المحدث، وضالة المجتهد المحقق، فخلد الكتاب لمؤلفه - على صفحة الدهر وغرة الزمن وسجل الخلود - ذكرا " لا يبلى وعظمة لا يخلقها مر الجديدين وكان بذلك في الطليعة من ناشري ألوية الفقه، وعاقدي بنوده، ومنظمي صفوفه، وقائدي كتائبه، وسائقي مقانبه، وجامعي شوارده، كما تقدمت جمل الثناء عليه، فمن الحري أن توقف الباحث على نزر يسير مما جاء حول الكتاب.
الثناء عليه 1 - قال المؤلف في اللؤلؤة: وكتابنا هذا - بحمد الله سبحانه - لم يعمل