وعرفهم " (1) " وأن الايمان درجات فلا ينبغي لصاحب الدرجة العالية أن يبرأ من صاحب الدرجة السافلة ولا يوبخه عليها " (2) وحينئذ فتكليف ضعفة العقول ليس كتكليف كامليها، ومما يؤكد ذلك أنه قد ورد في أخبارنا أن المستضعفين من المخالفين ممن يرجى لهم الفوز بالجنة، وإن دل ظاهر الآية الشريفة على أنهم من المرجئين لأمر الله، إلا أن ظاهر جملة من الأخبار أن عاقبة أمرهم إلى الجنة، بل قال شيخنا المجلسي (عطر الله مرقده) على ما نقله عنه السيد نعمة الله الجزائري (رحمه الله) في بعض فوائده: " أن المستضعفين - من الكفار ممن لم تقم عليه الحجة من عوامهم ومن بعد عن بلاد الاسلام - ممن يرجى لهم النجاة " قال السيد نعمة الله بعد نقل ذلك عنه:
" وهذا القول وإن لم يوافقه عليه الأكثر إلا أنه غير بعيد من تتبع موارد الأخبار " انتهى. وحينئذ فلو أوقع أحد هؤلاء العبادة التي أخذها من آبائه وأسلافه، معتقدا أن هذا هو أقصى ما هو مكلف به. فالظاهر صحتها بالتقريب المتقدم. وأما بالنسبة إلى من عدا من ذكرنا فالظاهر أن جهلهم ليس كجهل أولئك حتى يكون موجبا للعذر لهم ومصححا لعبادتهم، فإنه لا أقل أن يكونوا - بمن يصحبونه من المصلين الآتين بالصلاة على وجهها وبجملة حدودها، ويشاهدونه من الملازمين على ذلك في جميع الأوقات والحالات سيما في المساجد والجماعات - يحصل لهم الظن الغالب - إن تنزلنا عن دعوى العلم - بأن هذه هي الصلاة المأمور بها شرعا، وإن ما نقص عنها وخالفها إن لم يكن معلوم البطلان فلا أقل أن يكون مظنونه أو مشكوكه، وحينئذ فيرجع