وكان أكبر ولده وولي الأمر بعده شيخنا المؤلف، وله إذ ذاك من العمر أربع وعشرون سنة، فتكفل بعائلة والده على كثرتهم، وناء بأعباء ذلك الحمل الباهض، وبقي بالقطيف سنتين يقرأ فيهما على العلامة الكبير الشيخ حسين الماحوزي، إلى أن أخذت البحرين من الخوارج صلحا " بعد دفع مبلغ خطير، فقفل شيخنا المؤلف إلى البحرين، ولبث بها بضع سنين ينهي دراسته على شيخيه الحجتين الشيخ أحمد ابن عبد الله والشيخ عبد الله بن علي البلاديين البحرانيين.
وشاء الله له أن يحج البيت، وبعد رجوعه عرج على القطيف ومكث بها لقراءة الحديث على شيخه العلامة الماحوزي المتقدم. إلى أن زوده بالإجازة في الرواية عنه، فرجع إلى البحرين وقد ضاق به الحال، لما ارتكبه من الديون، وكثرة العيال وقلة اليسار ولحصول الاضطرابات والمشاغبات الداخلية في البحرين، فغادرها إلى إيران بعد مقتل الشاه سلطان حسين الصفوي.
إلى إيران.
وبعد احتلال الأفاغنة بلاد إيران وقتلهم الشاه سلطان حسين آخر ملوك الصفوية وذهاب ملكهم، تفاقمت الاضطرابات في البحرين وعمها الفوضى واستمرت الثورات الداخلية، حتى ألجأت شيخنا المترجم له إلى مغادرة بلاده والجلاء عن وطنه فغادرها إلى إيران، وحل برهة في كرمان، ثم ارتحل إلى شيراز واستقر مقيما بها على عهد حاكمها (محمد تقي خان) فعرف لشيخنا المترجم له علمه وفضله وتقاه فقربه وعظمه، ولقي الشيخ منه حفاوة بالغة واعظاما " وتبجيلا، فلبث بها غير يسير مدرسا " وإماما "، ناهضا " بأعباء الوظائف الشرعية، حيث ألقت إليه الزعامة الروحية مقاليدها، وتفرغ للمطالعة والتأليف، والبحث والتدريس، والإجابة على الأسئلة الدينية، فألف جملة من الكتب وعدة من الرسائل، على فراغ البال ورفاهية الحال ورغد في العيش،