مفرط إذا قدم لطلبه، وفرط فهو فارط إذا تقدم لطلبه، وجمعه فراط، قال القطامي:
واستعجلونا وكانوا من صحابتنا * كما تعجل فراط لوراد (1) ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (انا فرطكم على الحوض) اي متقدمكم وسابقكم حتى تردوه. ومنه يقال في الصلاة على الصبي الميت: اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (انا والنبيون فراط العاصين) اي المذنبين، والتأويل الأول من قول العرب: ما أفرطت ورائي أحدا اي ما خلفت ولا تركت. والمعنى يرجع إلى التقدم اي ما تقدمت أحدا ورائي.
اخبر الله تعالى انه لو كان ممن يؤاخذ الكفار والعصاة بذنوبهم، ويعاجلهم بعقوباتهم واستحقاق جناياتهم وظلمهم " لما ترك " على وجه الأرض أحدا، ممن يستحق ذلك من الظالمين. وإنما يؤخرهم تفضلا منه ليراجعوا التوبة، أو لما في ذلك من المصلحة لباقي المكلفين والاعتبار بهم، فلا تغتروا بالامهال، انكم مثلهم في استحقاق العقاب على ظلمكم. وقيل في وجه تعميمهم بالهلاك مع أن فيهم مؤمنين قولان:
أحدهما - ان الاهلاك وان عمهم فهو عذاب الظالم دون المؤمن، لان المؤمن يعوض عليه.
الثاني - أن يكون ذلك خاصة. والتقدير ما ترك عليها من دابة من أهل الظلم. وقيل إن المعنى أنه لو هلك الآباء بكفرهم لم يوجد الأبناء.
وقوله " ولكن يؤخرهم إلى اجل مسمى " يعني الأجل الذي قدره لموتهم وهلاكهم، فإذا جاء ذلك الأجل، لا يتقدمون عليه لحظة ولا يتأخرون.
وقوله " عليها " يعني على الأرض لدلالة قوله " ما ترك عليها من دابة " اي دابة عليها لأنها تدب على الأرض.
وقوله " يجعلون لله ما يكرهون " يعني يضيفون إلى الله البنات مع كراهية