وقال قطرب، والسكري: ربما، وربما، وربتما، ورب، رب: ست لغات، قال سيبويه (رب) حرف وتلحقها (ما) على وجهين:
أحدهما - أن تكون نكرة بمعنى شئ كقوله:
ربما تجزع النفوس من الامر * له فرجة كحل العقال (1) ف (ما) في هذا البيت اسم، لما يقدر من عود الذكر إليه من الصفة. والمعنى:
رب شئ، تكرهه النفوس، وإذا عاد إليه الهاء كان اسما، ولم يجز أن يكون حرفا. والضرب الاخر ان تدخل (ما) كافة نحو الآية، ونحو قول الشاعر:
ربما أوفيت في علم * يرفعن ثوبي شمالات (2) والنحويون يسمون (ما) هذه كافة يريدون: أنها بدخولها كفت الحرف عن العمل الذي كان هيأها لدخولها على ما لم تكن تدخل عليه، ألا ترى ان (رب) إنما تدخل على الاسم المفرد، نحو رب رجل يقول ذلك، وربه رجل يقول، ولا تدخل على الفعل، فلما دخلت (ما) عليها هيأتها للدخول على الفعل، كما قال " ربما يود الذين كفروا " فوقع الفعل بعدها - في الآية - وهو على لفظ المضارع، ووقع في قوله (ربما أوفيت في علم) على لفظ الماضي، وهكذا ينبغي في القياس لأنها تدل على أمر قد وقع ومضى، وإنما وقع - في الآية - على لفظ المضارع، لأنه حكاية لحال آتية كما أن قوله " وإن ربك ليحكم بينهم " (3) حكاية الحال آتية أيضا، ومن حكاية الحال قول القائل:
جارية في رمضان الماضي * تقطع الحديث بالايماض (4) ومن زعم أن الآية على اضمار (كان) وتقديره ربما كان يود، فقد خرج عن قول سيبويه، لأنهم لا يضمرون على مذهبه (كان) في قول القائل: عبد الله المقتول اي كن عبد الله المقتول. واما اضمار (كان) بعد إن خيرا فخيرا، فإنما جاز ذلك،