فان امرار الماء على ما علا الشعر عليه يجزي من غسل ما بطن منه من بشرة الوجه، لان الوجه عندهم ما ظهر لعين الناظر من ذلك يقابلها دون غيره. وهذا بعينه مذهبنا. إلا ما خرج عن الابهام والوسطى إلى الاذن، فإنه لا يجب غسله. ذهب إلى ما حكيناه إبراهيم، ومغيرة والحسن وابن سيرين، وشعبة والزهري وربعية وقتادة، والقاسم بن محمد وابن عباس، وابن عمر. قال ابن عمر: الأذنان من الرأس. وبه قال قتادة والحسن، ورواه أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وقال آخرون:
الوجه كل ما دون منابت شعر الرأس إلى منقطع الذقن طولا، ومن الاذن إلى الاذن الأخرى عرضا ما ظهر من ذلك لعين الناظر، وما بطن منه من منابت شعر اللحية، والعارضين، وما كان منه داخل الفم والانف، وما أقبل من الاذنين على الوجه.
وقالوا: يجب غسل جميع ذلك ومن ترك شيئا منه لم تجزه الصلاة. ذهب إليه ابن عمر في رواية نافع عنه، وأبو موسى الأشعري. ومجاهد وعطا والحكم، وسعيد بن جبير وطاووس، وابن شيرين والضحاك، وأنس بن مالك وأم سلمة، وأبو أيوب وأبو امامة، وعمار بن ياسر وقتادة كلهم قالوا بتخليل اللحية، فاما غسل باطن الفم، فذهب إليه مجاهد، وحماد وقتادة. واما من قال: ما أقبل من الاذنين يحب غسله، وما أدبر يجب مسحه فالشعبي. وقد بينا مذهبنا في ذلك. والذي يدل على صحة ذلك أن ما قلناه مجمع على أنه من الوجه. ومن ادعى الزيادة فعليه الأدلة. واستوفينا.
ذلك في مسائل الخلاف وتهذيب الاحكام.
وقوله: " وأيديكم إلى المرافق " منصوب بالعطف على الوجوه الواجب غسلها.
ويجب عندنا غسل الأيدي من المرافق، وغسل المرافق معها إلى رؤوس الأصابع، ولا يجوز غسلها من الأصابع إلى المرافق (وإلي) في الآية بمعنى مع كقوله: " تأكلوا أموالهم إلى أموالكم " وقوله: " من أنصاري إلى الله " وأراد بذلك (مع) قال امرؤ القيس:
له كفل كالدعص لبده الندى * إلي حارك مثل الرتاج المضبب