ما قاسم دون الفتى ابن أمه * وقد رضيناه فقم فسمه فقال: يا أعرابي، ما رضيت ان تدعونا إلى عقد الامر له قعودا حتى أمرتنا بالقيام، فقال: قيام عزم لا قيام جسم. وقال حريم الهمداني:
فحدثت نفسي أنها أو خيالها * اتانا عشاء حين قمنا لنهجعا أي حين عزمنا للهجوع. وأقوى الأقوال ما حكيناه أولا من أن الفرض بالوضوء يتوجه إلى من أراد الصلاة وهو على غير طهر، فاما من كان متطهرا، فعليه ذلك استحبابا. وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله والصحابة في تجديد الوضوء، فهو محمول على الاستحباب في جميع الأحوال، لاجماع أهل العصر على أن الفرض في الوضوء كان في كل صلاة، ثم نسخ، فعلمنا بذلك أن ما روي من تجديد الوضوء، كان على وجه الاستحباب. وقال قوم: إن الله (تعالى) أنزل هذه الآية اعلاما للنبي (صلى الله عليه وآله) أنه لا وضوء عليه إلا إذا قام إلى الصلاة دون غيرها من الاعمال، لأنه كان إذا أحدث امتنع من الاعمال حتى يتوضأ فأباح الله له بهذه الآية أن يفعل ما بدا له من الاعمال بعد الحدث إلى عمل الصلاة، توضأ أو لم يتوضأ. وأمره بالوضوء للصلاة. روى ذلك عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن علقمة عن أبيه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا بال لم يرد جواب السلام حتى يتطهر للصلاة، ثم يجيب حتى نزلت هذه الآية.
وقوله: " فاغسلوا وجوهكم " امر من الله بغسل الوجه واختلفوا في حد الوجه الذي يجب غسله، فحده عندنا من قصاص شعر الرأس إلى محاذي شعر الذقن طولا وما دخل بين الوسطى والابهام عرضا، وما خرج عن ذلك فلا يجب غسله.
وما نزل من الشعر عن المحادر، فلا يجب غسله. وقال بعضهم: ما ظهر من بشرة الانسان من قصاص شعر رأسه منحدرا إلى منقطع ذقنه طولا، وما بين الاذنين عرضا. قالوا والأذنان وما بطن من داخل الفم والانف والعين، فليس من الوجه، ولا يجب غسل ذلك، ولا غسل شئ منه. واما ما غطاه الشعر كالذقن، والصدغين،