ذكر أبو علي ان الماضي قد يقع في الجزاء لا ان المراد بالماضي الجزاء، لكن على أنه إن كان مثل هذا الفعل، فيكون اللفظ على ما مضى والمعنى على مثله، كأنه يقول: إن وقع مثل هذا الفعل يقع منكم كذا. وعلى ذلك حمل قول الشاعر:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري به بدا (1) إن قد أغنى عنه ما تقدم من قوله: " لا يجرمنكم " والمعنى إن صدوكم قوم عن المسجد الحرام، فلا تكسبوا عدوانا. ومن فتح الهمزة، فلانه مفعول له والتقدير لا يجرمنكم شنئان قوم، لان صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، فان الثانية في موضع نصب بأنه المفعول الثاني. والأولى منصوبة، لأنه مفعول له وقوله:
" ان تعتدوا " معناه إن تجاوزوا حكم الله فيهم إلى ما نهاكم عنه. وذكر انها نزلت في النهي عن الطلب بدخول الجاهلية. ذهب إليه مجاهد وقال: هذا غير منسوخ. وهو الأولى. وقال غيره هو منسوخ ذهب إليه ابن زيد. وإنما قلنا: إنه غير منسوخ، لان معناه لا تتعدوا الحق فيما أمرتكم به. وإذا احتمل ذلك، لم يخبر أن يقال هو منسوخ إلا بحجة.
وقوله: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ليس بعطف على أن تعتدوا، فيكون في موضع نصب، بل هو استئناف كلام أمر الله تعالى الخلق بان يعين بعضهم بعضا على البر وهو العمل بما أمرهم الله به، واتقاء ما نهاهم عنه، ونهاهم ان يعين بعضهم بعضا على الاثم. وهو ترك ما أمرهم به، وارتكاب ما نهاهم عنه من العدوان، ونهاهم ان يجاوزوا ما حد الله لهم في دينهم، وفرض لهم في أنفسهم وبه قال ابن عباس وأبو العالية وغيرهما من المفسرين.
وقوله: " واتقوا الله ان الله شديد العقاب " أمر من الله، ووعيد وتهديد لمن اعتدى حدوده، وتجاوز أمره يقول الله:. ومعناه احذروا معاصيه وتعدي حدوده فيما امركم به ونهاكم عنه، فتستوجبوا عقابه متى خالفتم وتستحقوا