تعتدوا " ولفظ النهي واقع على الشقاق. والمعني بالنهي المخاطبون. قال الزجاج:
موضع (ان) الأولى نصب بأنه مفعول له.
وتقديره لا يحملنكم بغض قوم لان صدودكم عن المسجد يعني النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه، لما صدوهم عن مكة. وموضع ان الثانية مفعول به ومعناه لا يكسبنكم بغض قوم أي بغضكم قوما الاعتداء عليهم، لصدهم عن المسجد الحرام.
وقوله: " شنئان قوم " معناه بغض قوم في قول ابن عباس، وقتادة وابن زيد، وغيرهم يقول: شنئت الرجل اشناه شنئا وشنأنا وشنا ومنشأة: إذا أبغضته وذهب سيبويه إلى أن ما كان من المصادر على فعلان لم يتعد فعله إلا أن يشد شئ نحو شنيته شنأ ولا يجوز أن يكون شنيته يراد به حذف الجر، كقول سيبويه في فرقته وحذرته أن أصله حذرت منه لان اسم الفاعل منه على فاعل، نحو شاني و " ان شانئك هو الأبتر " وقال الشاعر:
بشانيك الضراعة والكلول قال أبو علي: هذا يقوي انه مثل علم يعلم، فهو عالم، ونحوه من المتعدي وأيضا، فان شنيت في المعنى بمنزلة أبغضت، فلما كان معناه عدي كما عدي أبغضت كما أن الرفث لما كان بمعنى الافضاء عدي بالجار، كما عدى الافضاء به. وقال سيبويه:
قالوا: لويته حقه ليانا على فعلان، فيجوز أن يكون شنان فيمن أسكن النون مصدرا كالليان فيكون المعنى لا يحملنكم بغض قوم، لو فتح النون. قال أبو عبيدة: " شنأن قوم " بغضاء وهي متحركة الحروف مصدر شنيت، وبعضهم يسكنون النون الأولى وانشد للأحوص:
وما العيش الا ما تلذ وتشتهي * وان عاب فيه ذو الشنان وفندا فحذف الهمزة قال أبو علي: ويجوز أن يكون خففها. وقال أبو عبيدة:
وشنيت أيضا بمعنى أقررت به، وبؤت به وانشد للعجاج.
زل بنو العوام عن آل الحكم * وشنؤا الملك لملك ذو قدم