هذا خطاب من الله (تعالى) للمؤمنين المعترفين بوحدانيته تعالى المقرين له بالعبودية المصدقين لرسوله صلى الله عليه وآله في نبوته، وفيما جاء به من عند الله من شريعة الاسلام، أمرهم الله بإيفاء العقود وهي العهود التي عاهدوها مع الله وأوجبوا على أنفسهم حقوقا، والزموا نفوسهم بها فروضا أمرهم الله تعالى بالاتمام بالوفاء والكمال لما لزمهم يقال: أوفى بالعهد ووفى به وأوفى به لغة أهل الحجاز. وهي لغة القرآن، واختلف أهل التأويل في العقود التي امر الله " تعالى " بالوفاء بها في هذه الآية بعد اجماعهم على أن المراد بالعقود العهود، فقال قوم: هي العقود التي كان أهل الجاهلية عاقد بعضهم بعضا على النصرة والمؤازرة. والمظاهرة على من حاول ظلمهم أو بغاهم سوء وذلك هو معنى الحلف. ذهب إليه ابن عباس ومجاهد، والربيع ابن أنس والضحاك وقتادة والسدي وسفيان الثوري.
والعقود جمع عقد. وأصله عقد الشئ بغيره. وهو وصله به، كما يعقد الحبل إذا وصل به شيئا. يقال منه: عقد فلان بينه وبين فلان عقدا فهو يعقده. قال الحطيئة:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم * شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا (1) وذلك إذا واثقه على امر عاهده علي عهد بالوفاء له بما عاقده عليه من أمان، أو ذمة أو نصرة، أو نكاح أو غيره ذلك. قال قتادة: هي عقود الجاهلية الحلف.
ويقال: اعقدت العسل فهو عقيد ومعقد وروى بعضهم عقدت، العسل والكلام وأعقدت. وقال آخرون: هي العهود التي أخذ الله على عباده بالابان به، وطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم. روي ذلك عن ابن عباس وقال: هو ما أحل وحرم وما فرض، وما حد في القرآن كله، فلا تعدوا أو لا تنكثوا، ثم سدد فقال: